لَأْم إلى سعد بن مسعود فحذره، وقيل: إنما حذر سعد بنَ مسعود عديُّ بنُ حاتم.
قال هشام: ولما خرج عبد الله بن وهب من الكوفة بالليل انضاف إليه جمعٌ كبير، فأخذوا على الأنبار، وتبطَّنوا شطَّ الفرات، حتَّى عبروا من دَير العاقول، فاستقبلهم عديّ بنُ حاتم وقد عاد من المدائن، فأراد عبد الله أخذَه؛ فمنعه منه عمرو بن مالك النَّبهاني وبشير بن يزيد البَوْلاني (١)؛ وكانا من رؤوس الخوارج، واستخلف سعد بن مسعود على المدائن ابنَ أخيه المختار بن أبي عبيد، وخرج في طلب عبد الله بن وهب في خمس مئة فارس، والخوارج ثلاثون رجلًا، فتناوَشوا ساعة، فقال أصحاب سعد لسعد: أيها الأمير، ما تُريد من هؤلاء وقتالِهم، ولم يأتك فيهم أمر، خلِّهم واكتب إلى أمير المؤمنين، وأخبره بحالهم، فمضى وتركهم. وسار عبد الله بن وهب إلى موضع بغداد، فعبر في معبرها إلى أرض جُوخى، وذلك قبل أن تُبنى بغداد.
[جواب كتاب الخوارج]
من أهل البصرة إلى أصحابهم من أهل الكوفة، أما بعد: فقد بلغنا كتابُكم، وفهمنا ما فيه، فهنيئًا لكم الرأي الَّذي جمعكم الله عليه؛ من إنكار المنكر والجَور، ونحن سائرون إليكم والسلام.
ثم خرجوا من البصرة في خمس مئة رجل، وكان على البصرة يومئذ عبد الله بن عباس، فبعث أبا الأسود الدِّيليّ في طلبهم في ألف فارس، فلحقهم بجسر تُسْتَر، وحال بينهم الليل ففاتوه، وكانوا في مسيرهم لا يَلْقَون أحدًا إلا سألوه عن الحكَمَين، قالوا: ما تقول فيهما؟ فإن تبرَّأ منهما تركوه، وإن أبي قتلوه، ثم أقبلوا إلى النهر، فنزلوا به عند إخوانهم.
وقال أبو مخنف: لما خرجت الخوارج على علي أتاه أصحابه وشيعته، فبايعوه على التَّسليم، وقالوا: نحن أولياء من واليت، وأعداء من عاديت، وكتب عليهم كتابًا، وشرط فيه سنة الله وسنة رسوله، وجاءه رجل من خَثْعَم، يقال له: ربيعة بن أبي شَدَّاد -وكان قد شهد الجمل وصفّين مع علي، ومعه راية خَثْعَم- فقال له علي: بايع على
(١) في تاريخ الطبري ٥/ ٧٥: بشر بن زيد البولاني، والمثبت موافق للأخبار الطوال ٢٠٥.