للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عليكَ يا وليَّ الله، فردَّ عليه السَّلام وقال: وعليك السَّلام يا خليل الله، فقال: من أين علمتَ أني خليل الله؟ فقال: أخبرني الذي أخبرك أني وليّ الله، وهناك شجرة خضراء شديدة الخضرة، والسَّاحل يشرق من نور وجه الوليِّ، فأخذا يتذاكران، فمرَّت بينهما غزالة فوقعت مشويَّةً بين أيديهما، فقال الخليل: بسم الله، فقال الوليّ: والذي دلَّك عليَّ ما أفطرتُ نهارًا منذ أربعين سنة، ولولا كرامتك لما أفطرت، فأكلا منها، فلمَّا فرغا قال الوليُّ: عودي كما كنت بإذن الله، فقامت الغزالة تمشي. ثم قام الولى وودَّع الخليل ودخل البحر يمشي على الماء، فعجب الخليل وقال: يا ربِّ، ما كنت أقول إنَّ في عبادك من يشبهني فبمَ أعطيتَ هذا العبدَ ما أعطيته؟ فقال الله: بحسنِ يقينه، ولو ازداد يقينا لطار في الهواء.

[قصة إبراهيم مع العبد الحبشي]

روى السُّدي عن أشياخه قال: خرج إبراهيم في السياحة فوقع في مفازة، فعطش ولم يقدر على الماء، فإذا بعبدٍ حبشي يرعى غنما، فقال: أنا عطشان، فقال: يا خليل، أيما أحبُّ إليك اللبن أم الماء؟ فعجب الخليل لما ذَكر اسمه وقال: الماء، فضرب الأرض بقدمه، فنبع ماءٌ أحلى من العسل، وأبرد من الثلج فشرب إبراهيم وبكى، وقال: إلهي، عبدٌ حبشيٌّ له عندك هذه المنزلة، وأنا خليلك أعطش ولا أقدر على الماء. فأوحى الله إليه: وعزَّتي وجلالي لو سألني هذا العبد الحبشي أن أزيلَ السماوات والأرض لفعلت، إنه لا يريد من الدنيا والآخرة سواي.

[قصة الخليل مع المجوسي]

حكى وهب بن منبِّه عن مجاهد قال: كان إبراهيم لا يُضيف من يكفر بالله، فنزل به مرَّة مجوسيّ فأضافه ولم يعلم أنه مجوسي. فلمَّا جاء وقت الصلاة قام إبراهيم يصلي، والمجوسي جالس، فقال له: يا شيخ، لم لا تصلي؟ فقال: هو مجوسي، فطرده وقال: لا أضيف من يكفر بالله، فقام وخرج وهو منكسر القلب. فأوحى الله إليه: يا إبراهيم، أنا منذ سبعين سنة أرزقه على كفره وأنت بخلتَ عليه بلقمة؟! فقام إبراهيم وخرج يعدو خلفه، ارجع (١)، فقال: لا حاجة لي في ضيافتك بعد


(١) يعني ويقول له: ارجع.