للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أظنه (١) عن أبيه قال: لما ولي أبو بكرٍ خطب الناس، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أما بعدُ أيها الناسُ، فإني قد وَليتُ أمرَكم ولستُ بخيركم، ولكن قد نزل القرآن، وسنَّ رسولُ الله السُّنن، وعَلَّمنا فعَلِمنا. اعلموا أن أكيسَ الكَيْسِ التقوى، وأن أحمقَ الحُمقِ الفجورُ، وأن أقواكم عندي الضعيفُ حتى آخذ له بحقِّه، وأن أضعفكم عندي القويُّ حتى آخذَ منه الحقَّ. أيها الناسُ، إنَّما أنا متَّبعٌ ولستُ بمبتدع، فإن أحسنتُ فأعينوني، وإن زُغْتُ فقوِّموني.

وقال ابن سعدٍ بإسناده عن وهب بن جرير، عن أبيه قال: سمعتُ الحسن يقول: لمّا بُويع أبو بكرٍ قام خطيبًا، فلا والله ما خطب خُطبتَه أحدٌ بعد، فحمِدَ الله وأثنى عليه ثم قال: أما بعد، فإني قد وَليتُ هذا الأمر وأنا له كارهٌ، ووالله لوَدِدْتُ أنّ بعضكم كفانيه، ألا وإنّكم إن كلَّفتُموني أن أعملَ فيكم مثلَ عملِ رسول الله لم أقُم به. كان رسول الله عبدًا أكرمه الله بالوحي وعَصمه به، ألا وإنّما أنا بشرٌ، واعلموا أنَّ لي شيطانًا يَعتريني، فإذا رأيتُموني قد غضبتُ فاجتنبوني، لا أُؤَثّر في أشعاركم وأبشاركم (٢).

وأخرج أحمد في "المسند" طرفًا منه عن قيس بن أبي حازم، وفيه أنها أول خطبةٍ خُطبت في الإسلامِ، وفيها: ولوَدِدْتُ أن هذا كفانيه غيري، وإن أَخذتُموني بسُنَّةِ نبيّكم ما أُطيقُها، إنه كان معصومًا من الشيطان، ويأتيه الوحيُ من السماء (٣). وسنذكر طرفًا من خُطبه في ترجمته.

[ذكر ما فرضوا له]

قال ابن سعدٍ بإسناده عن عطاء بن السّائب قال: لما استُخلف أبو بكر أصبح غاديًا إلى السوق، وعلى رَقَبته أثوابٌ يَتَّجِرُ بها، فلقيه عمر وأبو عبيدة فقالا: أين تُريدُ يا خليفةَ رسول الله؟ قال: السوق، قالا: تصنعُ ماذا وقد وَليتَ أمر المسلمين؟ قال: فمن


(١) في (ك): قال ابن سعد بإسناده عن هشام بن عروة عن عبد الله أظنه، وهذا خطأ، وليس في (أ)، والمثبت من الطبقات ٣/ ١٨٢، والمنتظم ٤/ ٦٨.
(٢) الطبقات ٣/ ٢١٢، والمنتظم ٤/ ٦٨ - ٦٩.
(٣) مسند أحمد (٨٠).