للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حدثني كعب الأحبار قال: قرأت في بعض الكتب: أن ما في الدنيا مؤمن إلا وله تمثال على هيئته تحت العرش، فإذا ركع المؤمن وسجد في الصلاة فعل ذلك التمثال مثل فعله، فتنظر إليه الملائكة فيستغفرون له، وذلك قوله تعالى: ﴿وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الْأَرْضِ﴾ [الشورى: ٥]، فإذا ارتكب المؤمنُ خطيئةً أرخى الله ﷿ على ذلك التمثال سترًا لئلا يتطلع عليه الملائكة، فذلك معنى قولهم في الدعاء (١): يا مَنْ أظهر الجميل وستر القبيح (٢).

فصل في حَمَلَته

أنبأنا جدي بإسناده عن محمّد بن المنكدر عن جابر قال: قال رسول الله ﷺ: "أُذِنَ لي أن أُحدِّث عن مَلَك من مَلائكةِ الله من حَمَلَة العَرْشِ، ما بَين شَحْمةِ أُذنِه إلى عاتقِه مسيرةُ سبع مئة سَنة". ذكر جدي هذا الحديث في كتاب "تبصرة المبتدي وتذكرة المنتهي" (٣) في الوعظ.

وروى مقاتل عن عليٍّ وابن عباس: أن حملة العرش أعظم الملائكة خِلقةً، وهم اليوم أربعة: أحدهم وجهه وجه رجل يسأل الله الرزقَ لبني آدم، والثاني وجهه وجه نسر يسأل الله الرزق للطيور، والثالث: وجهه وجه ثور يسأل الله الرزق للبهائم، والرابع وجهه وجه أسد يسأل الله الرزق للوحوش. فإذا كان يوم القيامة صاروا ثمانية، فذلك قوله تعالى: ﴿وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ﴾ [الحاقة: ١٧] وقيل: ثمانية أصناف.

وذكر جدي ﵀ في كتاب "التبصرة" هذا وقال: من أعظم الملائكة خلقة حملة العرش، أحدهم على صورة البشر قد وكِّل (٤) بالدعاء للنسل الآدمي، وذكر الباقي على هذا.


(١) في (ب): "الدنيا".
(٢) وقوله: "يا من أظهر الجميل وستر القبيح" هو قطعة من حديث أخرجه الحاكم ١/ ٥٤٤ - ٥٤٥ من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص، وقال: هذا حديث صحيح الإسناد، فإن رواته كلهم مدنيون ثقات.
(٣) "التبصرة" ٢/ ١٧٤ - ١٧٥، وهو عند أبي داود (٤٧٢٧).
(٤) في (ب): البشر فيسأل الله أو قد وكل، وفي (ل): البشر يسأل الله وقد وكل، وعلى لفظ الجلالة إشارة أنها نسخة، والمثبت من التبصرة ٢/ ١٧٤.