للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولد [في ذي الحجة] (١) سنة خمس وستين وأربع مئة، ونشأ ببغداد، وسمع الحديث، وقرأ الأدب فأكثر، وانتهى إليه عِلْمُ اللُّغة، ودرَّس النحو والعربية بالنّظامية بعد أبي زكريا التِّبْريزي مُدَّةً، فلما ولي المقتفي الخلافة اختصّ بإمامته، وكان غزير الفَضْل (٢)، طويل الصَّمت، لا يقول الشيءَ إلَّا بعد الفكر الطَّويل، وكان متواضعًا، مليح الخط، وصنَّف الكُتُب (٣).

وكان مقتصدًا في مَلْبسه ومطعمه، لا يمنُّ على النَّاس بأَنَّه إمامُ الخليفة، بل كأنَّه من آحاد النَّاس مع الهيبة العظيمة والدِّين المتين.

وكانت وفاته منتصف محرَّم، وحَضَرَ الصَّلاة عليه أربابُ الدولة، ودُفِنَ بباب حَرْب، وعاش ستًّا وسبعين سنة، وكان صالحًا، صدوقًا، ثِقَةً.

يحيى بن بقي (٤)

الأَنْدلسي الشَّاعر القُرْطُبي الفاضل (٥).

ومن شِعْره يشكو أهل المغرب، ويذُمُّ مقامه عندهم: [من البسيط]

أقمتُ فيكُمْ على الإقْتار والعَدَمِ … لو كنتُ حُرًّا أَبيَّ النَّفْسِ لم أَقِمِ

وظَلْت أبكي بكُمْ عُذْرًا لعلَّكُمُ … تستيقظونَ وقد نمتمْ عن الكَرَمِ

فلا حدِيقَتُكُمْ يُجْنَى لها ثَمَرٌ … ولا سماؤكُمُ تنهلُّ بالدِّيَمِ


(١) ما بين حاصرتين من (م).
(٢) في (ع) و (ح): غزير العقل، ومثله في "ذيل طبقات الحنابلة": ١/ ٢٠٥، وفي "المنتظم": ١٠/ ١١٨ غزير الفضل، وهو ما أثبته. وفي "النجوم الزاهرة": ٥/ ٢٧٥ غزير العلم.
(٣) من أشهر كتبه "شرح أدب الكاتب" و"المعرَّب"، وكلاهما مطبوع مشهور، متداول.
(٤) هو أبو بكر يحيى بن محمد بن عبد الرحمن بن بقي الأندلسي القرطبي، له ترجمة في "الذخيرة" لابن بسَّام: ق ٢ / م ٢/ ٦١٥ - ٦٣٦، و"قلائد العقيان": ٢٧٩، و"خريدة القصر" قسم شعراء المغرب والأندلس: ٢/ ٢٣٦ - ٢٤٧، ٣/ ٥٧٩، و"معجم الأدباء": ٢٠/ ٢١ - ٢٥، و"وفيات الأعيان": ٦/ ٢٠٢ - ٢٠٥، و"المغرب في حلى المغرب": ٢/ ١٩ - ٢١، و"نفح الطيب": ١/ ٤٧١، ٥٨٤، ٣/ ٢٠٨، ٢٠٩، ٣٤٧ - ٣٤٨، ٤٣٩ - ٤٤٠، ٤٤٨، ٤/ ١٣، ١٥٥، ٢٣٦، ٢٤١.
(٥) بعد هذا في (ع): بل مع فضله من الحظ بالحرمان، ولم أتبين معناها، وهي ليست في (خ)، ولذا آثرت حذفها.