للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[السنة السابعة والخمسون بعد المئة]

فيها بنى أبو جعفر قصره المسمَّى بالخُلْد على شاطئ دجلة، وكان يعاقب من يسميه الخلد ويقول: إنَّما الخُلْدُ في الجنَّة، فقال الناس: تسمِّيه بالخلد وتعاقبُ عليه.

وفيها حوَّل المنصور أسواقَ بغداد إلى ظاهرها من الضواحي إلى الكرخ وباب محول ودرب الشعير -ذكر ذلك الخطيب- لئلَّا تخالطه العامة في مدينته، ورتَّبَ الأسواق، فجعل سوقَ البزازين في أعلاها، وسوق القصَّابين في أسفلها، وأباحها للناس، ولم يأخذ منهم خراجًا ولا غلَّة عن الأسواق مدَّة حياته، فلمَّا قام المهديُّ حَسَّنَ له أصحابُه، فأمرَ بوضع الخراج على الحوانيت وعلى التجَّار (١).

وروى الخطيب عن حميد بن الصباح مولى المنصور قال: لَمَّا أراد المنصورُ أن يذرعَ الكرخ ومكان الأسواق قال لي: احمل الذِّراعَ معك، فخرجتُ ونسيتُه، وخرج المنصور، فلمَّا صرنا إلى الكرخ قال لي: أين الذراع؟ فقلت: نسيتُه ودهشت، فضربني بمقرعةٍ وشجَّني، وسال الدم على وجهي، فلمَّا رآني قال: حدثني أبي عن أبيه عن عبد الله بن عباس قال: قال رسول الله : "من ضربَ عبدَهُ في غير حدٍّ حتَّى يسيلَ دمُه فكفارتُه عتقُه"؛ أنت حر (٢).

وفيها حجَّ بالناس إبراهيم بن يحيى بن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس. قال الواقديُّ: وكان واليًا على المدينة (٣).

وفيها توفِّي

سَوَّار بن عبد الله

القاضي بالبصرة، وكان عادلًا يقضي بالحق.

روى أبو عبد الله الحاكم قال: شكا أهلُ البصرة سوارًا الحاكم إلى المنصور،


(١) انظر تاريخ بغداد ١/ ٣٩٠ - ٣٩١.
(٢) تاريخ بغداد ٩/ ٢٧.
(٣) تاريخ الطبري ٨/ ٥٣.