للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أحمد رحمة الله عليه فأخبره، فقال: بدعة، فرجع إلى الكرابيسي فأخبرَه، فقال: أيشٍ أعملُ بهذا الصبي، إن قلنا: لفظُنا بالقرآن مخلوق، قال: بدعة، وإن قلنا: غير مخلوق، قال: بدعة (١).

ولمَّا سمعَ الناسُ كلام الكرابيسيِّ في الإمام أحمد تركوا الروايةَ عنه.

ولعنه ابن معين وقال: إنَّما يتكلم في الناس أشكالُهم، ما أحوجه إلى أن يُضْرَبَ.

وقال الإمام أحمد رحمة الله عليه: أظهرَ حسين رأيَ (٢) جَهْمِ بن صفوان، وإنَّما جاء بلاؤهم من هذه الكتب التي صنفوها، وتركوا الآثار، ألم تسمع قوله تعالى: ﴿حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ﴾ [التوبة: ٦] فممَّن يسمع؟

وتوفي في هذه السنة، وقيل: سنة سبع وأربعين (٣).

سمع من الشافعي رحمة الله عليه وغيره، وروى عنه محمد فُسْتُقة.

سوَّار بن عبد الله

ابن سوَّار بن عبد الله بن قُدامة، أبو عبد الله العنْبَريّ البصريّ، كان عالمًا فاضلًا فقيهًا زاهدًا شاعرًا ديِّنًا أديبًا.

نزل بغداد، ووليَ بها القضاءَ في الرُّصافة شرقي بغداد سنة سبعٍ وثلاثين ومئتين.

وكان الإمام أحمد رحمة الله عليه يثني عليه ويقول: ما بلغني عنه إلّا الخير.

وإن كان عنده دفعه (٤)، فقال فيه الشاعر: [من البسيط]


(١) قال الذهبي في سير أعلام النبلاء ١٢/ ٨٢: ولا ريب أنَّ ما ابتدعه الكرابيسيُّ وحرَّره في مسألة التلفظ وأنه مخلوق هو حق، لكن أَباهُ الإمامُ أحمد؛ لئلا يُتَذَرَّع به إلى القول بخلق القرآن، فسُدَّ الباب؛ لأنك لا تقدر أن تَفْرِزِ التلفظَ من الملفوظ الذي هو كلام الله إلا في ذهنك.
(٢) في (خ) و (ف): بن أبي. وهو تحريف قبيح، انظر تاريخ بغداد ٨/ ٦١٤.
(٣) لم أقف على هذا القول. والراجح أنه توفي سنة ثمان وأربعين. انظر تاريخ بغداد ٨/ ٦١٥، والمنتظم ١٢/ ١٤، وسير أعلام النبلاء ١٢/ ٨٢.
(٤) كذا في (خ) و (ف). وتمام الخبر كما في تاريخ بغداد ١٠/ ٢٩٢: عن مسبح بن حاتم قال: سمعت سوار يقول إن كان عنده قال: نعم، وإن لم يكن عنده قال: يقضي الله، ولا يقول: لا.