للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولما مات عِزُّ الدِّين مسعود، وولي ابنُه رسلان شاه حَبَسه وضيَّق عليه وآذاه، فتوفي في الحبس، فأُخرج ملفوفًا في كِساء، فلما وصل إلى باب البلد قال البوابون: قفوا حتَّى نستأذن له، فأُلقي على قارعة الطريق حتَّى أُذِنَ له.

وكان لعِزِّ الدين مسعود جاريةٌ يقال لها أقصرا أَوْلَدها الجهة الأتابكية (١) التي بَنَتْ في قاسيون التُّرْبة والمدرسة، وكانت زوجةَ الملك الأشرف ، وكان عِزُّ الدَّين قد زوَّج أقصرا أم الأتابكية مجاهدَ الدين قيماز.

يحيى بن سعيد (٢)

ابن هبة الله، أبو طالب بن زَبَادة الواسطي، ولد سنة اثنتين وعشرين وخمس مئة، وقَدِمَ بغداد، واشتغل بالأدب، فَبَرَعَ في الإنشاء والكتابة، وانتهت إليه الرياسة فيهما مع تخصُّصه بفنون العلوم، كالفِقْه وعلم الكلام والأُصول والحساب والشِّعْر، جالسَ أبا المنصور ابنَ الجواليقي، وقرأ عليه، وسَمِعَ أبا القاسم بن الصَّباغ وغيره، وولي للخليفة عِدَّة خِدَم: حِجْبة الباب، ثم أستاذية الدار، ثم كتابة الإنشاء في آخر أمره، وكانت وفاتُه في ذي الحجة، ودُفِنَ بمقابر قريش، ومن شعره [من المجتث]:

الوَجْهُ كالبَرْقِ يخفق … حينًا وفي الحال يخفى

فتارةً يتلالا … وتارة يتخفَّى

يظميك طورًا وطورًا … يَسْقيك رِيًّا ورَشْفا

لو كنت في الحب صِرْفًا … سَقَوْك في الحال صرفا

وقال: [من الخفيف]

قد سَلَوْتُ الدُّنيا ولم يَسْلُها مَنْ … عَلِقَتْ بي آمالُه والأراجي

فإذا ما صَرَفْتُ وَجْهيَ عنها … قَذَفُوني في بحرِها العَجَّاجِ

يستضيئونَ بي وأَهْلِكُ وَحْدي … فكأنِّي ذُبالةٌ في سراجِ


(١) ستأتي ترجمتها سنة (٦٤٠ هـ).
(٢) له ترجمة في "معجم الأدباء": ٢٠/ ٦١ - ١٧، "الكامل": ١٢/ ١٣٨، "التكملة" للمنذري: ١/ ٣١٥، و"المذيل على الروضتين": ١/ ٨٢ - ٨٣، "وفيات الأعيان": ٦/ ٢٤٤ - ٢٤٩، و"المختصر المحتاج إليه": ٣/ ٢٤٢ - ٢٤٣، و"سير أعلام النبلاء": ٢١/ ٣٣٦ - ٣٣٣، وفي "المذيل" تتمة مصادر ترجمته.