قلت (١): هذا مقدار ما ذكره المصنِّف ﵀، وقد ذكره قاضي القضاة شمس الدين بن خَلِّكان ﵀ في "وَفَيات الأعيان" فقال: أبو طالب يحيى بن أبي الفرج سعيد بن أبي القاسم هبة الله بن علي بن زبادة الشَّيباني، الكاتب المنشئ، الواسطي الأصل، البغدادي المولد والدَّار والوفاة، الملقب قِوَام الدين، انتهت إليه المعرفة بأمور الكتابة والإنشاء وغير ذلك، وله النَّظْم الجيد، جالسَ ابن الجواليقي، وقرأ عليه وعلى مَنْ بعده، وسمع الحديث من جماعة، وخَدَمَ الدِّيوان من صباه إلى أن توفي عِدَّة خدمات، وكان مليحَ العبارة في الإنشاء، جَيِّدَ الفكرة، حلو التوضيح، لطيف الإشارة، وكان الغالب عليه في رسائله العناية بالمعاني أكثر من طلب التسجيع، وله رسائل بليغة، وشعرٌ رائق، وفَضْله أشهر من أن يذكر.
وتولى النظر بديوان البَصْرة وواسط والحِلَّة، ولم يزل على ذلك إلى أن طُلب من واسط في المحرم سنة خمس وسبعين وخمس مئة، ورتِّب حاجبًا بباب النوبي، وقُلِّد النَّظر في المظالم، ثم عُزِل عن ذلك في شهر ربيع الأول سنة سبع وسبعين، فلما قتل أُستاذ الدَّار -وهو مجد الدين أبو الفَضْل هبة الله بن علي بن هبة الله بن محمد بن الحسن المعروف بابن الصاحب، وكان قَتْلُه يوم السبت تاسع عشر ربيع الأول سنة ثلاث وثمانين- ترتَّب ابن زبادة المذكور مكانه، ثم عُزِلَ في سنة خمس وثمانين، وعاد إلى واسط، فأقام بها إلى أن استدعي في شهر رمضان سنة اثنتين وتسعين، وقُلِّد ديوان الإنشاء في يوم الاثنين الثَّاني والعشرين من شهر رمضان، ثم رُدَّ إليه النظر في ديوان المقاطعات، فكان على ذلك إلى حين وفاته.
وكان حَسَنَ السِّيرة، محمود الطَّريقة، متدينًا، حدَّث بشيءٍ يسير، وكتب النَّاس عنه كثيرًا من نَظْمه ونَثْره، فمن ذلك قوله:[من الخفيف]
باضطِّراب الزَّمان ترتفع الأنـ … ـذالُ فيه حتَّى يعمَّ البلاءُ
وكذا الماء ساكنًا فإذا حُرِّ … ك ثارتْ من قعره الأقذاءُ
(١) القائل هو قطب الدين اليونيني، مختصر "مرآة الزمان".