للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الرضيُّ، وقال: إني لم أقبَلْ من أحدٍ شيئًا إلا من أبي. قال: حقِّي عليكَ أكثرُ من حقِّ أبيك، لأني حفَظتُكَ كتابَ الله. قال: صدقتَ. وقَبِلها.

قدم الطبريُ من البصرة إلى بغداد في سنة ثمان وسبعين، فصلَّى بجامع المنصور، في المكان الذي عادته أن يجلس فيه، فجاءه أبو الحسين بن سمعون مُهنئًا بقدومه، وأنشد: [من السريع]

الصبرُ إلا عنكَ محمودُ … والعيشُ إلا بِكَ منكودُ

ويومَ تأتي سالمًا غانمًا … يومٌ على الإخوان مسعودُ

مُذْ غِبْتَ غابَ الخيرُ من عندنا … وإنْ تَعدْ فالخيرُ مردودُ

ومات ببغداد، حدَّث عن إسماعيل بن محمد الصفَّار وغيرِه، وروى عنه أبو العلاء الواسطي وغيرُه، وأخرج له الدارقطني خمس مئة جزء، من سماعاته، وأجمعوا عليه.

عبد الكريم الطائع (١)

ابن المطيع بن المقتدر، أبو بكر، وأمُّه عُتب أم ولد، أدركت خلافتَه، ولي الخلافة سنة ثلاث وستين وثلاث مئة، وقَبَض عليه بهاءُ الدولة بن عضد الدولة سنة إحدى وثمانين، وكانت مدة خلافته سبع عشرة سنة وتسعة أشهر وخمسة أيام، وأفرد له القادر دارًا، وأحسن إليه، فأقام إلى ليلة عيد الفطر، فتوفِّي.

قال هلال بن الصابئ: وفي يوم الثلاثاء، مُهَلَّ شوَّال أُظهِرَ موتُ الطائع المخلوع، وحضر من الغد الأشرافُ والقضاةُ والشهودُ والفقهاءُ والأماثلُ دارَ الخلافةِ للصلاة عليه والتعزية عنه، وأقاموا إلى المغرب، فصلَّى بهم القادرُ المغربَ، ثم أُخرِجَ التابوتُ إلى دار بدر في الفردوس، فصلَّى القادر عليه وكبَّر خمسًا، وحُمِلَ إلى التوبة التي بناها بالرُّصافة، فدُفِنَ بها، وشيَّع جنازتَه أبو الحسن ابن حاجب النعمان والحُجَّابُ والخدمُ والحاضرون من الجَمْع، وتكلَّم أهل السُّنَّة في تكبير القادر خمسًا، فقيل لهم: إن ذلك


(١) تاريخ بغداد ١١/ ٧٩ - ٨٠، والمنتظم ١٥/ ٣٩ - ٤٠، والكامل لابن الأثير ٩/ ١٧٥.