للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لا ذَنْبَ لي إلا هواه لأَنَّه … لما دعاني للسَّقام أَجَبْتُهُ

أحبابَنَا أنفقتُ عُمْري عندكُمْ … فمتى أُعوِّضُ بعضَ ما أَنْفَقْتُهُ

وبمن أعود إلى سواكُمْ قاصدًا … والقَلْبُ في عَرَصاتكم خَلَّفْتُهُ

ولمن ألوم على الهوى وأنا الَّذي … قُدْتُ الفؤاد إلى الغرامِ وسُقْتُهُ

أأرومُ غيركُمُ صديقًا صادقًا … هيهاتَ ضاقَ الوقتُ عمَّا رُمْتُهُ

قد كُنْتُ أَعْذِلُ كلَّ صَبٍّ في الهوى … وألومه في العِشْق حتَّى ذُقْتُهُ

ما لي سوى قلبي وفيك أَذَبْتُهُ … ما لي سوى دمعي وفيك سكَبْتُهُ

أبكي إذا جَنَّ الظلامُ تشوُّقًا … في طول ليلٍ في هواك سَهِرْتُهُ

وأنوح إنْ ناحَ الحمامُ ضحىً على … إلفٍ فقدتُ الصَّبْرَ حين فَقَدْتُهُ

ما كُنْتُ أعرِفُ ما الغرامُ ولا الأسى … والشَّوْقُ والتَّبريحُ حتَّى ذُقْتُهُ (١)

عبد الله العاضد (٢)

صاحبُ مِصْر، ابنُ يوسف بن الحافظ، أبو محمَّد، لم يلِ أبوه الخلافة [وقد ذكرناه] (٣)، وأمه أم ولد يقال لها سِتُّ المُنى. ولد سنة أربع وأربعين وخمس مئة، وبويع في رجب سنة خمس وخمسين [وخمس مئة] (٣) وهو ابن إحدى عشرة سنة، وتوفي يوم عاشوراء وعمره ثلاث وعشرون سنة (٤)، فكانت أيَّامه إحدى عشرة سنة وشهورًا.

واختلفوا في سبب وفاته على أقوالٍ، أحدها: أنَّه تفكَّر في أموره، فرآها في إدبار، فأصابه ذَرَبٌ عظيم، فمات منه.

والثاني: أنَّه لما خُطِبَ لبني العَبَّاس بَلَغَهُ؛ فاغتَمَّ، ومات. وقيل: إنَّ أهله أخفوا عنه ذلك، وقالوا: إنْ سَلِمَ فهو يعلم، وإن مات فلا ينبغي أن ننغِّص عليه هذه الأيام التي بقيت من عمره.


(١) الأبيات في "الخريدة": قسم شعراء الشام: ١/ ٣١٤ - ٣١٥، مع اختلاف في بعض الألفاظ، ما خلا الأبيات الثلاثة الأخيرة فيها، وإخالها زيادة من ناسخ لأنها من طبقة أدنى من ذلك الشعر، وقد كررت فيه قافية سلفت، والله أعلم.
(٢) ترجمته في "الكامل": ١١/ ٢٥٥ وما بعدها، "وفيات الأعيان": ٣/ ١٠٩ - ١١٢، و"اتعاظ الحنفا": ٣/ ٢٤٣ وما بعدها، و"سير أعلام النبلاء": ١٥/ ٢٠٧ - ٢١٥، وفيه تتمة مصادر ترجمته.
(٣) ما بين حاصرتين من (م) و (ش).
(٤) في "السير" أنَّه ولد سنة (٥٤٦ هـ)، فيكون عمره حين بويع تسع سنين، وعمره حين توفي إحدى وعشرون سنة.