للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقال: يا سُلْطان العالم، محمد بن عبد الله أَمرني بالجلوس، ومحمد أبو عبد الله منعني من الجلوس. يعني المقتفي.

ولمَّا دخل العَبَّادي بغداد [وكانت سوقه انكسرت به] (١)، فأنشد ابنُ الدَّهَّان: [من السريع]

للهِ قُطْبُ الدِّين من عالمٍ … طَبٍّ بأَدْواء الورى آسِ

مُذ ظَهَرَتْ حُجَّتُه للورى … قامَ بها البرهانُ للنَّاسِ (٢)

فلما ماتَ مسعود أُهين الغزنوي، ومُنِعَ من الوعظ، وأُخذ كل ما كان بيده، فَشُفِعَ إلى الخليفة في رَدِّ القرية التي وقفت على رِباطه، فقال: أما ترضى أن يحقن دمه.

وكان يتمنَّى الموت مما لاقى من الذُّلِّ بعد العِزِّ، وما كان ممن يرضى بالذل، فحمل على قلبه، ومَرِضَ، فأَلْقى كَبِدَه قِطَعًا، وتوفي في المحرَّم، ودُفِنَ بمقابر الخَيزُران.

[وفيها توفي

الشيخ أبو البيان الزَّاهد (٣)

واسمه نبا بن محمد] (٤)، ويعرف بابنِ الحوراني، تشاغل بالزهد، و [ونشأ على] (٥) الاشتغال بالعلم، وصحبة الصَّالحين، وحُسْن الطريقة والعَفَاف والصِّيانة، [وكان] (٦) محبًا للعِلْم والعلماء.


(١) في (ع) و (ح)، ذكر شوقه، وهو تحريف، وما بين حاصرتين من "خريدة القصر" قسم شعراء العراق: ح ١/ ٣١٤ - ٣١٥.
(٢) قطب الدين هو العبادي، وقد سلفت ترجمته في وفيات سنة (٥٤٧ هـ)، وابن الدهان هو محمد بن علي بن شعيب أبو شجاع، وسترد ترجمته في وفيات سنة (٥٩٢ هـ).
ومعنى العبارة أوضحه ابن الجوزي بقوله: كان -أي الغزنوي- إذا نبغ واعظ سعى في قطع مجلسه، ولما مال الناس إلى ابن العبادي قل زبونه، فكان يبالغ في ذمه، فقام بعض أذكياء بغداد في مجلس العبادي فأنشده، ثم ذكر البيتين، ثم قال: وأراد ابن الغزنوي: قد قام للناس، لأنه كان يلقب بالبرهان، وهذا من عجيب ذكاء البغداديين.
والبيتان في "الخريدة" مع اختلاف في بعض الألفاظ.
(٣) له ترجمة في "ذيل تاريخ دمشق": ٥١٢، و "معجم الأدباء": ١٩/ ٢١٣ - ٢١٤، و"كتاب الروضتين": ١/ ٣٣٠، و"سير أعلام النبلاء": ٢٠/ ٣٢٦ - ٣٢٧، وفيه تتمة مصادر ترجمته.
(٤) في (ع) و (ح): محمد أبو البيان الشيخ الزاهد، والمثبت ما بين حاصرتين من (م) و (ش).
(٥) في (ع) و (ح): تشاغل بالزهد والاشتغال بالعلم .. وما بين حاصرتين من (م) و (ش).
(٦) ما بين حاصرتين زيادة من عندنا يقتضيها السياق.