للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفيها خلع أهلُ قُمَّ المأمونَ وعصَوا عليه، وسببه أن خَراجَهم كان أَلفَي ألفِ درهم، فاستكثروه، وكان المأمونُ قد حطَّ عن أهل الرَّي لمَّا اجتازهم ألفَ ألفِ درهم، فسأله أهلُ قُمّ أن يفعل بهم كذلك [فقيل له: هذا مالٌ عظيم، فلم يُجبهم إلى ذلك] فمنعوه الخراجَ أصلًا، فبعث إليهم عليَّ بن هشام، فقاتلهم وظهر عليهم وهدم سورَهم، وجباها سبعةَ آلافِ أَلْف درهم [بعدما كانوا يتظلَّمون من أَلفَي ألفِ درهم] وقيل: [إنَّما جباهم] أربعةَ آلافِ أَلْف درهم (١)، ضعفَي ما كانوا يتظلَّمون منه.

وحجَّ بالنَّاس [في هذه السنة] صالحُ بن العباس [وهو] عاملُ [المأمونِ على] مكَّة.

[فصل] وفيها تُوفِّي

أبو عمرٍو الشَّيبانِيّ

صاحبُ العربية، واسمه إسحاقُ بن مِرار (٢) الكُوفيّ، نزل بغدادَ وحدَّث بها، وكان عالمًا متقنًا خيِّرًا فاضلًا، وأقوالُه مدوَّنة في كتب النحو واللغةِ وتفاسيرِ القرآن، وجمع أشعارَ العرب ودوَّنها [وكتب بيده ثمانين مصحفًا، وجاوز تسعين سنة، وقال الخَطيب:] (٣) كان أعلمَ النَّاس باللغة، موثَّقًا فيما يحكيه.

[وحكى الخطيبُ (٤) عن ثعلبٍ قال: دخل أبو عَمرو الباديةَ ومعه دَسْتيِجتان (٥) حِبرًا، ما خرج منها حتَّى أفناهما] ودوَّن أشعارَ ثمانين قبيلة، وكان كلَّما فرغ من قبيلةٍ كتب مصحفًا.

[قال:] وقال ثعلب: كان مع أبي عَمرٍو الشَّيبانِيّ من العلم والسَّماع عشرةُ أضعافِ ما كان مع أبي عُبيدة مَعْمر، ولم يكن بالبصرة مثلُ أبي عبيدةَ في السَّماع والعلم.


(١) كذا في (ب) و (خ) والمنتظم ١٠/ ٢١٨، وفي تاريخ الطبري: وجباها سبعة آلاف أَلْف درهم.
(٢) في (ب) و (خ): مراد، والمثبت من المصادر، انظر طبقات النحويين واللغويين للزبيدي ص ١٩٤ - ١٩٥، وتاريخ بغداد ٧/ ٣٤٠، والمنتظم ١٠/ ٢١٩، والوفيات ١/ ٢٠١، وتاريخ الإِسلام ٥/ ٣٠، والوافي ٨/ ٤٢٥.
(٣) في تاريخه ٧/ ٣٤١. وما بين حاصرتين من (ب).
(٤) في تاريخه ٧/ ٣٤٣ - ٣٤٤. وما بين حاصرتين من (ب).
(٥) الدستيج: آنية تحوَّل باليد، معرَّب: دستي. القاموس المحيط (دستج).