للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

السَّنة السابعةُ والستُّون بعد المئة

فيها جدَّ المهديُّ في طلب الزَّنادقة، وكتب إلى الآفاق بسببهم، وقتل صالحَ بن عبدِ القُدُّوس، وأُحضر بين يديه آدمُ بن عبدِ العزيز بنِ عمرَ بن عبدِ العزيز -وكان شاعرًا ماجنًا خَليعًا ثم تنسَّك، وكان يُرمى بالزَّندقة- فقال له المهديّ: زعموا أنك زِنديق، فأَنكر، فضربه ثلاثَ مئةِ سَوط، فقال: واللهِ ما أشركتُ بالله طَرْفَة عين، ولو قطعتَني إِرْبًا إربًا ما أَقررتُ على نفسي بباطل، قال: ألستَ القائل: [من مجزوء الرمل]

اسقني واسق خليلي … في مدى الليلِ الطويلِ

قهوةً صفراءَ (١) صِرْفًا … سُبيتْ من نهر بِيلِ (٢)

قل لمن يلحاكَ فيها … من فقيهٍ أو نبيلِ

أَنْتَ دعْها وارجُ أخرى … من رَحيق السَّلسبيلِ

فقال: يَا أميرَ المُؤْمنين، كنتُ فتًى من فِتيان قريشٍ أَمجُن مع الفتيان بلساني، واعتقادي مع ذلك التوحيدُ والإيمانُ بالله، فلا تؤاخذني بما أَسلفت، فالتوبة تَجبُّ ما قبلها، واحفظْ فيَّ عُمَر، فخلَّى سبيلَه.

وبات آدمُ ليلةً ببغداد فأَكلته البراغيث، فقال: [من الطَّويل]

تطاولَ في بغدادَ ليلي ومَن يَبِت … ببغدادَ يلبث [ليلَه] غيرَ راقدِ

بلادًا (٣) إذا زال النهارُ تقافزت … براغيثُها من بين مثنَى وواحدِ

دَيازِجةٌ (٤) شُهْبُ البطونِ كأنها … بِغالُ بريدٍ سُرِّحت في مواردِ

وهذه الأبياتُ من قصيدةٍ يمدح فيها الرَّيّ، أولُها:

هنيئًا لَأهل الرَّيِّ طِيبُ بلادِهم … وواليهم الفضلُ بن يحيى بنِ خالدِ


(١) في تاريخ بغداد ٧/ ٤٨٥ وتاريخ دمشق ٢/ ٦٥٧ (مخطوط)، وتاريخ الإِسلام ٤/ ٥٧٧: صهباء.
(٢) نهر في بغداد.
(٣) في تاريخ بغداد ٧/ ٤٨٤: بلاد.
(٤) الديزج: معرب ديزه، وهي لون بين لونين غير خالص. لسان العرب (دزج).