للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفيها خرج سليمانُ بن وهب من بغداد إلى سُرَّمن رأى ومعه أخوه الحسنُ، وشيَّعه أبو أحمد الموفَّق، ومَسْرور البَلْخيُّ، وعامَّة القوَّاد، فلمَّا صاروا بسامرَّاء، غضب المعتمدُ على سليمانَ بنِ وهب، وقيَّده، وحَبَسه، وانتهب أمواله ودُورَ أهله.

واستوزر الحسنَ بنَ مَخْلد في ذي القَعدة، فبلغ الموفَّق، فشخص من بغداد ومعه عبدُ الله بنُ سليمان بنِ وهب، فلمَّا قَرُب من سامرَّاء، تحوَّل المعتمدُ إلى الجانب الغربيِّ فعسكر به، ونزل أبو أحمد بظاهر سامرَّاء في جزيرة المؤيَّد، وهذا أوَّلُ ما بدا من الموفَّق في حقِّ المعتمد، ثمَّ تراسلا واصطلحا في ذي الحجَّة، واجتمعا في حرَّاقة في دجلة، خلع عليه المعتمدُ وأطلق سليمانَ بنَ وهب، واجتمع العَسكران، ورجع المعتمدُ إلى الجَوْسَق، وهرب الحسنُ بنُ مَخْلد، وأحمدُ بنُ صالح بن شيرزاد (١)، فقبضَ على أسبابهما، وشَخصَ القوَّاد الذين كانوا بتَكْريت إلى الموصِل، فوضعوا أيديَهم في جبَايةِ الخَراج.

وحجَّ بالناس هارونُ بنُ محمد بنِ إسحاق بنِ موسى بنِ عيسى الهاشميُّ الكوفيُّ.

وفيها توفي

أحمدُ بنُ حَمْدون

ابنِ إسماعيلَ بنِ داودَ، أبو عبد الله، الكاتبُ.

كان فاضلًا شاعرًا كثيرَ الأدب، كان يحضر مجالسَ الخلفاء؛ الواثقِ والمتوكِّلِ (٢).

ومِنْ شعرِه يعاتبُ أبا الحسن عليَّ بنَ يحيى المنَجِّم: [من الرمل]

مَنْ عَذيري مِنْ أبي حَسَنٍ … حينَ يجْفوني ويَصْرمُني

كان لي خِلًّا وكنتُ لهُ … كامتزاجِ الرُّوحِ بالبَدَنِ

فوَشَى واشٍ فغيَّرهُ … وعليه كان يَحْسُدُني

إنَّما يزدادُ معرفةً … بوِدادي حين يَفْقِدُني


(١) في (خ): ومحمد بن صالح من شيراز، وفي (ف): ومحمد بن صالح بن شيراز، والمثبت من "تاريخ الطبري" ٩/ ٥٤١، و"تاريخ الإِسلام" ٦/ ٢٤٤. وما سلف بين معكوفين منهما.
(٢) "تاريخ الإِسلام" ٦/ ٢٦٢.