للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال أبو يعلى البَرَداني: رأيتُه في المنام فقلت له: ما فعلَ الله بك؟ فقال وهو يعدُّ بأصابعه: غَفَر لي، ورَحِمني، ورفع منزلتي. فقلت: بالعلم؟ فقال لي: بالصدق. وأفطر يوم جنازته خلقٌ كثيرٌ؛ لأنَّ الحرَّ كان شديدًا.

ولمَّا غلب البساسيريُّ على بغداد ولَّاه القضاء، فاستأذن أبا عبد الله الدامغاني [ثم] (١) دخل عليه وأخبره، واستأذنه فأذِنَ له، وكان في اعتقال البساسيري، وكان فيمن بايع المستنصر صاحب مصر.

قال الحافظ ابن عساكر (٢): سمعتُ أبا غالب بن أبي علي بن البناء الحنبلي يقول: لمَّا مات أبو يعلى ذهبتُ مع أبي إلى داره بباب المراتب، فلقِيَنا أبو محمد التميمي الفقيه الحنبلي، فقال: إلى أين؟ فقال أبي: مات القاضي أبو يعلى. فقال أبو محمد: لا ، فقد بال على الحنابلة -يعني البولةَ الكبيرة- لا تُغسل إلى يوم القيامة -يعني المقالة في التشبيه-.

[السنة التاسعة والخمسون والأربع مئة]

فيها في المُحرَّم ورد ألب أرسلان إلى الريِّ من نيسابور.

وفيه بعث صاحب مصر إلى محمود بن الزَّوقلية المتغلِّب على حلب يُطالبه بحملِ مالٍ إلى خزانته، وبغزو الروم الذين هم في مجاورتِه، وصرفِ سُرْخاب ومن معه من الغُزِّ إن كان على طاعته، فأجاب: يا بُنيَّ قد ألزمتُ على أخذ حلبَ من عمي أموالًا اقترضها، وأنا مطالبٌ بها، وليس في يدي ما أقضيها، فضلًا عما أصرفه في غيره، فإذا قضيتُ ديوني، واستقام أمري، حملتُ وخدمتُ، وأما الرومُ فقد هادنتُهم مدةً، وأعطيتُهم ولدي رهينةً على مالٍ اقترضتُه منهم، فلا سبيل إلى محاربتهم حتى أوفيَهم المال، وأُخلِّصَ ولدي، وتنقضي الهدنة، وأما ابنُ خان (٣) والغُزُّ الذين معه فيَدُهم فوق


(١) ما بين حاصرتين زيادة يقتضيها السياق.
(٢) لم أقف على هذه الترجمة في تاريخ دمشق ولا في أيٍّ من مصنفات ابن عساكر!.
(٣) في النجوم الزاهرة ٥/ ٧٩: خاقان.