للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فأقامت عندهم شهرًا، واختلف قوم من اليهود إلى الدار ورأوا رسول الله ، وجعلوا يقولون: هذا نَبيُّ هذه الأمة، وهذه دار هجرته. ولما رجعت به إلى مكة؛ توفيت بالأبواء، فقبرها هناك، وكانت معها أم أيمن فرجعت بالنبي إلى مكة. ولما مرَّ رسول الله بالأبواء في عمرة الحديبية؟ زار قبرها (١).

* * *

السنة السابعة من مولده -

فيها كَفِله جده عبد المطلب بعد وفاة أمه آمنة.

قال الزهريّ: إن عبد المطلب ضمَّه إليه، ورقَّ عليه رِقَةً لم يَرقَّها على أولاده، فكان لا يفارقه، ويدخل عليه، ويجلس على فراشه عند الكعبة، فإذا نهاه أحد يقول: دعوا ابني، فإنه ليُؤنِسُ مُلْكًا. وما كان أحد يجلس على فراش عبد المطلب من ولده إجلالًا له إلا رسول الله ، وقدم مكة قوم من القافة من بني مُدْلج، فلما نظروا إليه، قالوا لعبد المطلب: احتفظ بهذا الغلام، فإنا لم نجد قدمًا أشبه بالقدم الذي في المقام من قدميه، فقال عبد المطلب لأبي طالب: اسمع ما يقول هؤلاء واحتفظ به، وقال عبد المطلب لأم أيمن: احتفظي بابني، فإن اليهود تزعم أنه نبي هذه الأمة (٢).

* * *

السنة الثامنة من مولده -

وفيها توفي عبد المطلب.

ولما احتُضِرَ عبد المطلب، أوصى به إلى أبي طالب، فقبضه وضمه إليه وأحبه حبًّا شديدًا، وقدَّمه على أولاده، وكان لا يفارقه، وكان عيال أبي طالب إذا لم يأكل معهم رسول الله لم يشبعوا، وإذا أكل معهم شبعوا، فيقول له أبو طالب: إنك لمبارك (٣).


(١) انظر "الطبقات الكبرى" ١/ ٩٥، و"المنتظم" ٢/ ٢٧٢.
(٢) انظر "الطبقات الكبرى" ١/ ٩٦ - ٩٧، و"المنتظم" ٢/ ٢٧٤.
(٣) انظر "الطبقات الكبرى" ١/ ٩٨، و"المنتظم" ٢/ ٢٨٣.