وقال: أدركتُ الناس وَرَقًا لا شوكَ فيه، فقد أصبحوا شوكًا لا وَرقَ فيه.
وقال: ما من أحدٍ إلا وفي عقله نَقْصٌ؛ لأنه متى جاءتْه الدنيا ظلَّ فرحًا بها، والليل والنهار دائبان في هَدْم عُمره، ولا يُحْزِنُه ذلك، وما نَفْعُه بعُمرٍ يَنقص، ومالٍ يزيد.
ذكر وفاته: قال معاوية بن قُرَّة: إن أبا الدرداء اشتكى، فدخل عليه أصحابُه فقالوا: ما تَشتكي؟ قال: ذُنوبي، قالوا: ما تَشتهي؟ قال: الجنة، قالوا: أفلا نَدعو لك طبيبًا؟ فقال: هو الذي أَضجَعَني.
وقالت أمُّ الدرداء: اللهمَّ إن أبا الدرداء خَطبني فتزوَّجني في الدنيا، اللهمَّ فأنا أَخطبُه إليك، فأسألك أن تُزوَّجنيه في الجنة، فقال لها أبو الدرداء: إن أردتِ ذلك وكنتُ أنا الأوَّلَ، فلا تَزوَّجي بعدي، فمات أبو الدرداء، وكان لها جَمالٌ وحُسنٌ، فخطبها معاوية، فقالت: لا واللَّه، لا أتزوَّجُ زوجًا في الدنيا حتى أتزوّجَ أبا الدرداء إن شاء اللَّه تعالى في الجنة.
وقالت أم الدرداء: إن أبا الدرداء لما احتُضر جعل يقول: مَن يَعمل لمثل يومي هذا؟ مَن يعمل لمثل ساعتي هذه؟ مَن يَعمل لمثل مَضجَعي هذا؟ ثم يقول: ﴿وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ﴾ [الأنعام: ١١٠] ثم قُبض ﵀ ورضي عنه.
وتوفي بدمشق في خلافة عثمان رضوان اللَّه عليه، وله عَقِبٌ بالشام، وقَبرُه بالباب الصغير، في الحومة التي فيها قبورُ الصحابة ﵃.
قال عَوف بن مالك الأشجعي: رأيتُ في المنام كأني أَتيتُ مَرْجًا أخضر، فيه قُبَّةٌ من أَدَم، حولها غَنمٌ رُبوض، تَجترُّ وتَبعَرُ العَجوة، فقلت: لمن هذه؟ فقيل: لعبد الرحمن بن عوف، فانتظرتُه حتى خرج من القُبَّة، فقال: يا ابن مالك، هذا ما أعطانا اللَّه تعالى بالقرآن، ولو أشرفتَ على ما في هذه الثنيَّة لرأيتَ ما لم تر عينُك، ولسمعتَ ما لم تَسمع أُذنُك، ولم يَخطر على قلبك، أعدّه اللَّه لأبي الدرداء؛ لأنه كان يدفع الدنيا بالرَّاحَتَين والنَّحر.
وكان لأبي الدرداء من الولد: بلال، وأمُّه أم محمد بنت أبي حَدْرَد الأسلمي،