للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[وفيها توفِّي

الحسن بن الحسين بن حمدان (١)

أبو محمد، الثعالبي، الأمير، ناصر الدولة، ذو المجدين، قد ذُكِرَ تنقُّلُ الزمانِ به، وآل أمره إلى أن اتفق مع يلدِكز التركي، وزوَّجَه يلدِكْز ابنته، ولقَّبَ ابنُ حمدان نفسَه سلطان الجيوش، واتَّفقا اتفاقًا كليًّا، وتحالفا، وأمِنَ أحدُهما إلى الآخر، ودخل ناصر الدولة إلى مصر، وكانا يتزاوران، فاتَّفق أنَّ ابنَ حمدان خرج يومًا إلى أعمال مصر على طمأنينة مرتبًا للمراكب والعساكر، فركب يلدِكْز يوم الجمعة مُستهلَّ رمضان في خمسين فارسًا، وكان له غلام يقال له: أبو منصور كُمْشتِكين، ويلقب حسام الدولة، وكان يثِقُ به، فقال له: أريد أن أُطلعك على أمر لم أرَ له أهلًا غيرك. قال: وما هو؟ قال: قد علمتَ ما فعل ابنُ حمدان بالمسلمين من سفك الدماء والغلاء والجلاء، وقد عزمتُ على قتله، فهل فيك موافقة ومشاركة وأريح الإسلام منه؟ فقال: نعم، ولكن أخاف أن يفلت فتتبرَّأ مني. قال: لا. وقصدوا ابنَ حمدان قبل أن يلحقه أصحابه، واستأذنوا عليه فأذِنَ لهم، فدخلوا والفرَّاشون ينفضون البسط ليقعد عليها وهو يتمشَّى في صحن الدار، ومشى يلدكز معه، ثم تأخَّر عنه وضربه بيافروت (٢) كان معه في خاصرته، وضربه كُمُشْتِكين فقطع رجليه، فصاح: فعلتموها. فحزُّوا رأسَه، وكان محمود بن ذبيان أمير بني سِنْبِس في خزانة الشراب، فدخلوا فقتلوه، ثم خرجوا (٣) إلى دار فيها فخر العرب بن حمدان قد شرب دواءً وعنده الأمير شاور، فقتلوهما وخرجوا إلى خيمة تاج المعالي بن حمدان أخي ناصر الدولة، وكان على عزم المسير إلى الصعيد، فهرب إلى خراب مقارب بخيمته فكمَن فيه، فرآه بعض العبيد فأعطاه معضدة فيها مئة دينار، وقال: اكتم عليَّ، فأخذها وجاء إلى يلدكْز فنَمَّ عليه، فدخل فقتله، وانهزم ابنُ أخي [ابن] (٤) المدبر في زي المكديين، فأخذ وكان قد تزوَّج إحدى بنات


(١) المنتظم ١٦/ ٢٤٩.
(٢) اليافروت: سكين مغري. النجوم الزاهرة ٥/ ٢١.
(٣) في (ب): عرجوا.
(٤) ما بين حاصرتين من (ب).