[حكى ابن ناصر عن أشياخه قال: إن ميمونة كانت تقول]: هذا قميصي، له اليوم سبع وأربعون سنة، ألبَسُه وما تخرَّق، غزلَتْه في أمي، الثوبُ إذا لم يُعصَ الله تعالى فيه لا يتخرَّق سريعًا.
وقالت [ميمونة]: آذانا جارٌ لنا، فصلَّيت ركعتين، وقرأتُ من فاتحة كلّ سورة آيةً حتى ختمتُ القرآن، وقلت: اللهمَّ اكفِنا أمره، ثم نِمْتُ وفتحتُ عينيَّ، وإذا به قد نزل وقت السَّحَر، فزلَّتْ قدمُه فوقع فمات.
وقال ابنها: كان في دارها حائطٌ له جوف، فقالت: هاتِ رُقعة ودَواةً. فناولتُها، فكتبَتْ في الرُّقعة شيئًا، وقالت: دَعْه في ثقبٍ منه. ففعلتُ، فبقي نحوًا من عشرين سنة، فلمَّا ماتت ذكرتُ ذلك القرطاس، فقمتُ فأخذتُه، فوقع الحائط، وإذا في الرّقعة: ﴿إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا﴾ [فاطر: ٤١] يا مُمسك السماوات والأرض أمْسِكْه بقدرتك (١).
[وقد حكينا عن ابن سمعون مثل ذلك].
[السنة الرابعة والتسعون وثلاث مئة]
فيها دخل أبو العباس ابن واصل إلى البَطِيحَة فملكها، وانهزم مُهذب الدولة منها، وكان ابن واصل قد عصى على بهاء الدولة وأخذ البصرة، واستولى عليها، وكان مُهذِّب الدولة صديقَه وصاحبَه، وكان يُضمر له الغدر، ويقول: أنا نائبٌ بالبصرة عنك، حتى كاتب جماعة من أهل البَطيحَة، وعمل السفن، وجمع العساكر، وسار يريد البَطيحَة، وكتب إلى مُهذِّب الدولة يقول له: مِنْ حُكم الفتوة والنُّصح أن تأخذ لنفسك. فأخرَجَ إليه جيشًا مع عبد الله ابن أخت مُهذِّب الدولة، فهزمهم، وعادوا إلى البَطيحَة مهزومين، ودعت الضرورة مهذِّبَ الدولة إلى أن ركب بقرة في بعض الطريق إلى واسط، فخرج إليه وجوهُ الناس وتلقَّوه وخدموه، وحملوا إليه الدوابَّ والثياب والآلات والفرش والألطاف، واستولى ابن واصل على أمواله وذخائره وعُدده ومَنْ