للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الباب الثالث والثلاثون في خلافة المستضيء بأمر الله]

وهو أبو محمّد الحسن بن يوسف المستنجد بأمر الله، وأُمُّه أُمُّ ولد تدعى غضة أرمنية.

ولد في شعبان سنة ستٍّ وثلاثين وخمس مئة، ولم يلِ الخلافةَ مَنْ اسمه الحسن وكنيته أبو محمد غيرَ الحسن بن علي ﵇ والمستضيء.

بويع بالخلافة يوم الأحد تاسع ربيع الآخر، وأَطْلَقَ الأموال للأمراء والعلويين والهاشميين والقُضَاة والعلماء وجميعِ الناس، وردَّ المظالم، وأسقط المكوس، وولى أمر الجند والممالك قُطْبَ الدِّين قيماز مملوك المستنجد، ولقبه ملك العرب والعجم، واستوزر ابن رئيس الرؤساء، وكان الوزير ابن البلدي قد قُتل يوم مات المستنجد، ولما ولَّى ابنَ رئيس الرؤساء الوزارة خَلَعَ عليه، ومشى بين يديه قُطْبُ الدِّين وأربابُ الدولة، ولم يتخلف أحد، وجلس في الديوان، ومدحه الشُّعراء، فقال ابنُ التعاويذي: [من الكامل]

الدَّسْتُ من لألاء وَجْهك مشرقُ … وعلى الوزارة من جلالك رَوْنَقُ

رُدَّتْ إليك وأصلُها بك ثابِتٌ … عالي البناء وفَرْعُها بك مُوْرِقُ

أنتم وإن رَغَمَ (١) العِدَى وُرَّاثُها … قِدْمًا وغيرُكُمُ الدَّعيُّ المُلْحَقُ

لكُمُ استقادَ على الإباء شَمُوسُها … وبكُمْ تَجَمَّع شَمْلُها المتفرِّقُ (٢)

وأنشد الحيص بيص: [من الوافر]

أقول وقد تولَّى الأمرَ حَبْرٌ … وليٌّ لم يَزَلْ بَرًّا تقيّا

وقد كُشِفَ الظَّلامُ بمستضيءٍ … غدا بالخَلْقِ كلِّهُمُ حَفِيّا

بلغنا فوقَ ما كُنَّا نرجِّي … هنيئًا يا بني الدُّنيا هَنِيّا

سأَلْنا الله يَرْزُقُنا إمامًا … نُسَرُّ به فأعطانا نبيًّا (٣)


(١) رغم: كره: "اللسان" (رغم).
(٢) انظر القصيدة في "ديوان سبط ابن التعاويذي": ٢٩٦ - ٢٩٨.
(٣) الأبيات في ديوانه ٣/ ٢٧٩، وقد أوردها العماد الكاتب في "الخريدة"، قسم شعراء العراق: ٢/ ٣٣٠.
قال إبراهيم، عفا الله عنه: والبيت الأخير فيه الغلو المفضي إلى الكفر والعياذُ بالله، مما يقدح بالمادح والممدوح على السواء، المادح بقوله والممدوح بقبوله، نسأل الله السلامة.