للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال عبد الرَّحمن بن محمّد بن عبد السّميع الواسطي الهاشمي: رأيت في المنام ليلة مات المستنجد قائلًا يقول: [من البسيط]

ماتَ الخليفةُ واستولى على النَّاسِ … ابنٌ له طاهرٌ من نَسْلِ عَبَّاس

فارحلْ إلى بابه واضرعْ إليه تَجدْ … من جُوده دافعًا للضُّرِّ والباسِ

والظُّلْمُ والجَوْرُ قد حُصَّتْ قوادِمُهُ … مع الخوافي وخافَ القَطْعَ بالرَّاسِ

مَنْ يَفْعلِ الخيرَ لا يَعْدَمْ جوازيه … لا يذْهَبُ العُرْفُ بين اللهِ والنَّاسِ (١)

وولَّى المخزن ظهير الدِّين بن العَطَّار، وولَّى ابنَ البخاري الدِّيوان، وولَّى ابن الشَّاشي تدريس النِّظامية، وولَّى الأمير السيد العلوي التدريس بجامع السُّلْطان ببغداد.

وفيها بعث الخليفةُ رسولًا إلى نور الدين يعرِّفه بخلافته، ويطلب البيعةَ له، فقال له العماد الكاتب: [من الكامل]

هل عائدٌ زمنَ الوصالِ المنقضي … أم عائِدٌ لي في الصَّبابة ممرضي

لا أشتكي إلا الغرام فإنَّه بَلْوى … عليَّ من السَّماء بها قُضي

يا لاح حالي في الهوى مشهورةٌ … حاولتَ تسليتي وأنتَ محرِّضي

أنفقتُ ذُخْرَ الصَّبْرِ من كَلَفي فهل … من واهبٍ للصَّبْرِ أو من مُقْرضِ

لهفي على زمنِ الشَّباب فإنني … بسوى التأسُّفِ عنه لم أتعوَّضِ

نُقِضَتْ عهودُ الغانياتِ وإنها … لولا انقضاءُ شبيبتي لم تنقضِ

يا حُسْن أيَّام الصِّبا وكأنَّها أيامُ … مولانا الإمامِ المستضي

ذي البهجةِ الغَرَّاء يُشْرِقُ نورُها … والطَّلْعة الزَّهْراءِ والوجْه المضي

قَسَمَ السَّعادةَ والشَّقاوة ربُّنا … في الخَلْقِ بين مُحِبِّهِ والمُبْغِضِ

فَضَلَ الخلائفَ والخلائقَ بالتُّقى … والفَضْلِ والإفضالِ والخُلُقِ الرَّضي

فانْعَمْ أميرَ المؤمنين بدَوْلةٍ … ما تنتهي وسعادةٍ ما تنقضي (٢)

فبعث نور الدين إلى الخليفة شرف الدين ابن أبي عصرون نائبًا عنه في الخِدْمة.


(١) هذا بيت مشهور للحطيئة، وقد ضمنه أبياته، انظر "ديوانه": ص ٥١.
(٢) انظر بعض الأبيات في "خريدة القصر" قسم شعراء العراق: ٢/ ١٧ - ١٨، و"كتاب الروضتين": ٢/ ١٧٩ - ١٨٠.