للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

له، وكمنتم له العداوة بين ضُلوعكم، والله حَسيبُه عليكم، فلما سمعا كلامَه تركاه وذهبا.

[ذكر مسير أمير المؤمنين خلفهم]

حكى سيف بن عمر عن أشياخه قالوا: لما بلغ عليًّا خبرُهم، خرج من المدينة على تَعبيته التي كان يريد الخروجَ فيها إلى الشام، واستخلف على المدينة تَمّام بن العباس، وبعث إلى مكة قُثَم بن العباس، وخرج معه تسع مئةٍ من أهل مصر والكوفة والبصرة، فلقيه عبد الله بن سَلام، فأخذ بعِنان فرسه وقال له: يا أمير المؤمنين، لا تخرجْ منها، فوالله لئن خرجتَ منها لا يعود إليها سلطانُ المسلمين أبدًا، وفي رواية: لا تعودُ إليها أبدًا، فسَبُّوه، فقال علي: دعوه، فنِعمَ الرجل هو من أصحاب رسول الله .

وسار حتى انتهى إلى الرَّبَذة ففاتوه، وجاء بخبرهم عطاء بنُ رِئاب مولى الحارث، فأقام بالرَّبَذة يأتَمرُ في أمره، وقد كان يَرجو أن يأخُذَهم في الطريق.

وقال أبو مِخْنَف: بعثت إليه أمُّ سَلَمة تقول: يا أمير المؤمنين، لولا أن الله نهاني عن الخروج من بيتي لخرجتُ معك، وقد أمرنا الله بالقرار في بيوتنا، وهذا ابني عُمر، هو أعزُّ عليّ من نفسي، خارجٌ معك، وشاهدٌ مَشاهدَك، فخرج عمر معه ولَزمَه، فاستعمله على البحرين، ثم عزله واستعمل النعمان بنَ عَجْلان الزُّرَقيّ.

وقال سيف: حدثني خالد بن مِهران بإسناده، عن طارق بن شهاب قال: لما نزل علي الرَّبَذة صلّى الفجر بغَلَس، فلما انصرف من صلاته جاءه وَلدُه الحسن، فأراد أن يتكلَّم فخنقَتْه العَبْرة، فقال له: يا بُنيّ تكلَّم، فقال: يا أمير المؤمنين، إني أمرتُك أمرًا فعَصيتَني، وما أخوفني أن تُقتل غدًا بمَضِيعَة ولا ناصرَ لك، فقال له علي: يا حسن، لا تزال تخِنُّ خَنينَ الجارية، ما الذي أمرتَني به فعَصَيتُك؟!

قال: قلتُ لك يومَ أُحيطَ بالرجل -يعني عثمان- اخرج من المدينة فيُقتل ولستَ بها فخالفتني- وفي رواية: فإن قُتل لم تكن بها فخالفتني.

وقلتُ لك يوم قُتل: لا تقبل البيعةَ حتى تأتيك وُفودُ العرب وبيعةُ أهل الأمصار فَعَصَيْتَني، ثم أمرتُك يومَ فعل هذان الرجلان ما فعلا -يعني طلحة والزبير- أن تجلسَ