للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذكر مسير عتبة بن غزوان إلى عمر بن الخطاب (١)

ذكرَ هشام بن الكلبي عن أبيه قال: قال عمر لعتبةَ بن غزوان: إني موجِّهك إلى أرض الهندِ، يعني البصرة، لتمنع أهلها أن يُمِدّوا أهلَ فارس، فنزلها في ربيع الأوّل سنة أربع عشرة، وبها سبعُ دَساكر. وكتب إلى العلاء بن الحَضْرمي أن يُمِدَّ عتبةَ بعَرْفجة ابن هَرْثمة. قال: واجمعِ الناسَ من الدَّساكر مَوضعًا واحدًا، ففعل، وأقام بها شهرًا وخرج إلى الأُبُلَّة فانهزموا، وكان الفتحُ (٢) على يد أبي بكرة نُفيعٍ.

وشهد فتح الأُبُلَّةِ مئتان وسبعون من الصحابة، فحكى موسى بن المثنّى بن سلمة بن المحبّق الهُذَلي، عن أبيه، عن جدِّه قال: شهدتُ فتح الأُبُلَّة، وأميرُنا قُطبةُ بن قتادةَ السدوسي، فاقتسمنا الغنائمَ، فدُفعت إليَّ قِدْرٌ من نُحاسٍ، فلما صارت في يدي تبيَّن لي أنَّها ذهبٌ، وعرف ذلك المسلمون فنازعوني فيها إلى أميرنا، فكتب إلى عمر بن الخطاب يُخبرُه بذلك، فكتب إليه: اطلُبْ يمينَه أنَّه لم يعلم أنَّها ذهبٌ إلا بعدما (٣) صارت إليه، فإن حلف فادفعها إليه، وإن أبي فاقسمها بين المسلمين، فحلفَ فدفعها إليه وكان فيها أربعون ألفَ مِثقالٍ، قال ابن المحبِّق: وقال جدّي: فمنها أموالُنا التي نَتوارثُها إلى اليومِ.

قلتُ: وهذا مَذهبُ عمر ، ولعله أراد استمالةَ قلوب المؤمنين بهذا في أوَّل الأمرِ. أما مذهبُ عامةِ الصحابةِ والفقهاء أنه أُسوةٌ للغانمين، وأنَّها تُقسَمُ بينهم، إلا ما نفَّله الإمامُ قبل القِسمة، أو من الخُمْسِ.

وقال المدائني: وكان قُطبةُ بنُ قتادةَ السدوسيّ هو السببَ في إيْفاد عمرَ عُتبةَ بن غزوان المازني إلى البصرة. وقُطبةُ أوَّلُ مَن أغار على السَّواد من ناحية البصرة، كتب إلى عمرَ يستمدُّه، فبعث به إليه، وذكر بمعنى ما ذكرنا (٤).

وكتب عتبةُ بن غزوان إلى عمر يستأذنُه في الحجِّ، فأذن له، فولّى الحربَ مُجاشِع


(١) كذا، ولعل صواب العنوان: ذكر مسير عتبة بن غزوان إلى البصرة بأمر عمر بن الخطاب.
(٢) من قوله: وذكر هشام بن الكلبي. . . إلى هنا ليس في (أ) و (خ).
(٣) في (أ) و (خ): لم يعلم أنها ما صارت ذهبًا إلا بعدما.
(٤) من قوله: قلت وهذا مذهب عمر. . . إلى هنا ليس في (أ) و (خ).