للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وله في مملوكٍ له توفي:

لا رغبة في الحياة من بعدك لي … يا من ببعادك تدانى أجلي

إن مت ولم أمت أسىً واخجلتي … من عَتْبك لي في يوم عرض العمل

وفيها توفي شهاب الدين قاضي دارا، [الذي كان] (١) إلى ظلمه المنتهى.

السنة الثَّامنة والأربعون وست مئة

فيها في أَوَّل ليلة منها كان المصافُّ بين الفرنج والمسلمين على المنصورة، بعد وصول المعظم تورانشاه إلى المخيَّم مسك الإفرنسيس، وَقَتَل من الفرنج مئة ألف، ووصل كتاب المعظم إلى جمال الدين بن يغمور يقول: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ﴾ [فاطر: ٣٤] ﴿وَمَا النَّصْرُ إلا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ﴾ [آل عمران: ١٢٦] ﴿وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ (٤) بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ﴾ [الروم: ٤، ٥] ﴿وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ (١١)[الضحى: ١١] ﴿وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا﴾ [النحل: ١٨].

نبشِّر المجلس السَّامي الجمالي، بل نبشِّر الإِسلام كافَّة بما مَنَّ الله به على المُسْلمين من الظَّفر بعدوِّ الدِّين، فإنَّه كان قد استفحل أمره، واستحكم شَرُّه، ويئس العبادُ من البلاد والأهل والأولاد، فنودوا ﴿وَلَا تَيأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ﴾ الآية [يوسف: ٨٧] ولما كان يوم الأربعاء مستهلّ السنة المباركة تَمَّم الله على الإِسلام بركتها، فتحنا الخزائن، وبذلنا الأموال، وفرَّقنا السِّلاح، وجمعنا العُرْبان والمطاوعة، واجتمع خَلْق [عظيم] (١)، لا يحصيهم إلا الله تعالى، وجاؤوا من كل فجٍّ عميق، ومن كلِّ مكانٍ بعيد سحيق، ولما رأى العدو ذلك أرسل يطلب الصُّلْح على ما وقع الاتِّفاق بينهم وبين الملك الكامل، فأَبَينا، ولما كان في الليل تركوا خيامهم وأثقالهم وأموالهم، وقصدوا دِمياط هاربين، فسِرْنا في آثارهم طالبين، وما زال السيف يعمل فيهم عامَّة الليل، وقد حلَّ بهم الخِزْي والوَيل، فلما أصبحنا نهار الأربعاء قتلنا منهم ثلاثين ألفًا غير من ألقى نفسه في اللُّجج، وأما الأسرى فحدِّث عن البحر ولا حَرَج،


(١) ما بين حاصرتين من (ش).