للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويوقعون الفِتَن. وبلغ الشيخ عبد الله عن المعظم كلامٌ، فخرج بأهله إلى مِصْر، وكان قد صاهر عبد الحق الواسطي، فأقام بمصر مُدَّة، فلم تطب له، فرجع إلى الشَّام.

قال المصنف: وكنتُ أسمع الفقراء يقولون: إنَّه أَسْلَمَ على يد الشيخ عبد الله اليوناني، وليس كما قالوا، وإنما [(١) الشيخ عبد الله كان يدخل على المشايخ، فيتخير ما عندهم، دخل على اليوناني،] وعليه برنسٌ في زِيِّ الرُّهْبان، فقال له: أسلم. فقال: أسلمتُ لله رب العالمين ولم يكن أرمنيًّا، وإنما كان روميًّا من قونية، وكانت أمه داية الخِلاطية، فلما زوَّجها أبوها بصاحب حِصْن كيفا خرج مع أُمِّه وهو صغير، وأقام عندها، ولما تزوَّجها الخليفة كان ببغداد، وكانت الخِلاطية تُحْسِنُ فيه الظَّن، فلما حَجَبَها الخليفةُ ساح عبدُ الله في البلاد، ثم عاد إلى [بغداد] (٢)، وجرى له [مع الخليفة] (٢) ما ذكرنا، و [لما] (٢) عاد إلى الشام سكن قاسيون، [وكنا نتزاور، ويحضر مجالسي دائمًا في جامع دمشق وقاسيون، لا ينقطع أبدًا] (٢)، وكان على طريقةٍ عزيزة، لا يتعرَّض للدُّنيا، ولا يردُّ ما جاءه، ويؤثر به، وما زال مقيمًا بقاسيون حتى مرض في شوال، وتوفي يوم الجُمُعة تاسع وعشرين منه، ودفن بسفح قاسيون، وقد جاوز سبعين سنة، ﵀، [وكان يومًا مشهودًا] (٢).

السَّيف الآمِدِي، وكنيته أبو القاسم (٣)

لم يكن في زمانه من يجاريه في علم الكلام [والأصلين] (٢)، وكان ينبز بأشياء ظاهر [حاله] (٢) أَنَّه كان بريئًا منها؛ لأنه سريعُ الدمعة، رقيقُ القلب، سليمُ الصَّدْر، وكان مقيمًا بحماة، ثم سكن دمشق، و [من سلامة صدره أنه] (٢) مات له بحماة قِطٌّ، فلما أقام بدمشق، بَعَثَ إلى حماة، فنقلت عظامه في كيس، ودفنها في تُرْبته بقاسيون.

وكان بنو العادل: المعظَّم والأشرف والكامل يكرهونه لما اشتهر عنه من الاشتغال بالمنطق وعلوم الأوائل، ومع كراهية المعظم له فإنَّه فوَّض إليه أمر المدرسة العزيزية،


(١) في (ح): وإنما دخل عليه، وعليه برنس، والمثبت ما بين حاصرتين من (ش).
(٢) ما بين حاصرتين من (ش).
(٣) له ترجمة في "التكملة" للمنذري: ٣/ ٣٥٩ - ٣٦٠، و"المذيل على الروضتين": ٢/ ٢٨ - وكناه أبا الحسن- وفيه تتمة مصادر ترجمته.