للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال أبو عبد الله محمد بن علي العلوي: بِتُّ عنده ليلةً فلم أتمكَّنْ من النوم؛ لكثرة البَقِّ وهو قائمٌ يُصلِّي، فلا أدري أَمُنِعَ البقُّ منه أم صبرَ عليه؟ ورأيتُ مئزره قد انحَلَّ وسقط عن كعبه، ثم استوى وعلا إلى سُرَّته، فلا أدري أرتفع المئزرُ أم طالتْ يدُه حتَّى أعادته؟ ولمَّا مات بنى عليه أهل الكوفة قُبَّةً، وقبرُه بها ظاهرٌ يُزار (١).

[وفيها تُوفِّي]

صالح بن مِرْداس (٢)

أسد الدولة، ويُعرَف بابن الزَّوقلية.

قال هلال بن الصابئ: في هذه السنة جهَّزَ صاحبُ مصر جيشًا مع القائد أنوشْتِكين الدِّزْبِري التركي أمير الجيوش؛ لقتال صالح وحسان بن المُفرِّج بن الجراح، وكانا قد جمعا الجموعَ، واستوليا على الأعمال، وانتَهيا إلى غزَّة، فلمَّا بلغهما خبرُ الدِّزْبِري انصرفا من بين يديه وتبِعَهما إلى الفجاوين أسفل عقبة فِيق واقتتلوا، فانهزم حسان بن المُفَرِّج، وقُتِلَ صالحٌ وابنُه الأصغر، وبعث الدِّزْبِري برأس صالح إلى مصر، وأُفلِتَ نصرُ بن صالح الأكبر إلى حلب، واستولى الدِّزْبِري على الشام، ونزل دمشق، وكتب إلى صاحب مصر كتابًا مضمونه: إلى سيدنا ومولانا، ونوضح للعلوم الشريفة أنَّه كان قد عرف اصطناع الدولة لآل الجرَّاح، ومقابلتِهم إحسانهَا بسوء الاجتراح، وكان أخلقَهم بالشُّكر لما أولاه حسان، وأحقَّهم بالكفِّ عن الإساءة إذ لم يكن منه في الطاعة إحسان، ولكن أبي إلَّا طبعَه اللئيم، ومعتقدَه الذميم، وكم له من غَدْرةٍ في الدين واضحة، ومَرْزِئةٍ في أموال المستضعفين قادحة، وأمَّا صالح بن مِرْداس زعيمُ بني كلاب فإنه اتَّفق مع حسان مُدِلًّا بحدِّه وحديدِه، مُجلِبًا على الدولة بعد إحسانها إليه بعمده وعديدِه، فتوامرا على الفساد، وتَوازرا علة العِناد، ونهبا البلاد، وكان صالحٌ أشدَّهما كفرًا، وأعظمَهما أمرًا ومكرًا، ووافى الملعونان الأقحوانة الصغرى عند


(١) بعدها في (م) وحدها زيادة: ويُتبرَّك به.
(٢) تنظر مصادر الترجمة في السير ١٧/ ٣٧٥.