للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سمع الكثير، وحدَّث عن يوسف بن موسى القَطَّان وغيره، وروى عنه الدارقطني وغيره، وكان ثقةً.

خرج من الحمَّام يوم الإثنين لخمسٍ خلون من رمضان وهو في عافية، فمات فجأة.

[محمد بن يوسف]

ابن يعقوب بن إسماعيل بن حَمَّاد بن زيد بن دِرْهم، أبو عمر، القاضي، الأَزْدي، مولى [آل] جرير بن حازم (١).

ولد بالبصرة لتسعٍ خلون من رجب سنة ثلاثٍ وأربعين ومئتين، وسمع الشيوخ، ولقي العلماء، وولي قضاءَ مدينة المنصور سنة أربعٍ وثمانين ومئتين، ولم يكن له نَظيرٌ في الحُكَّام عقلًا، وحِلمًا، وذكاءً، وتمكُّنًا، واستيفاءً للمعاني الكثيرة بالألفاظ اليَسيرة، مع المعرفة بأقدار الناس، والتأنِّي في الأحكام، وكان يُضرَب المَثَلُ بعقله وسَداده وحِلْمه.

ووصفه الخطيب بأوصافٍ جَليلة من الجود، والفَضْل، والحياء، والكَرَم، والإحسان إلى القاصي والدَّاني، قال: ثمَّ استُخْلف لأبيه يوسف على القضاء بالجانب الشَّرْقي من بغداد، فكان يَحكُم بين أهل مدينة المنصور رياسةً، وبين أهل الجانب الشرقي من بغداد نيابةً إلى سنة اثنتين وتسعين.

ولمَّا توفي أبو حازم القاضي عن الشَّرْقية نُقِلَ أبو عمر إليها، فكان على ذلك إلى سنة ستٍّ وتسعين، فصُرف هو ووالده عن جميع ما كان إليهما، وتوفي والدُه سنة سبع وتسعين.

وما زال أبو عمر مُلازمًا لمنزله إلى سنة إحدى وثلاث مئة، فأشار علي بن عيسى الوزير على المقتدر به، فقلَّده الجانبَ الشَّرقي من بغداد، وعِدَّة نَواحٍ من السَّواد، والشام، والحَرَمَين، واليمن وغير ذلك، ثم قلَّده قضاءَ القُضاة سنة سبع عشرة وثلاث مئة.


(١) تاريخ بغداد ٤/ ٦٣٥، والمنتظم ١٣/ ٣١٣، وما بين معكوفين منهما، والسير ١٤/ ٥٥٥، وتاريخ الإِسلام ٧/ ٣٧٦.