وقال وهب بن منبه: كان يسرج في البيت المقدس كل ليلة ألف قنديل، يخرج من طور زيتا عينٌ من الزيت حتى تصبَّ في القناديل ولا يُمسُّ بالأيدي، وتنحدر من السماء نار بيضاء فتسرج القناديل، وكان المتولي لذلك ابنا هارون، فأوحى الله إليهما لا تسرجا بنار الدنيا، فأبطأت النار عنهما ليلةً فعمدا إلى نار من نيران الدنيا فأسرجا بها، فانحدرت النار من السماء فأحرقتهما، فجاء الصريخ إلى موسى بالخبر فقال: يا إلهي أحرقت ابنَي أخي، فقال الله تعالى: يا موسى، هكذا أفعل بأوليائي إذا عصوني، فكيف أفعل بأعدائي؟ (١).
[فصل في قصة البقرة]
قال الله تعالى: ﴿وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً﴾ [البقرة: ٦٧] الآية. وروى أبو صالح عن ابن عباس قال: وُجد قتيل في بني إسرائيل اسمه عاميل، فلم يعرفوا مَنْ قتله.
واختلفوا في سبب قتله على قولين:
أحدهما: أنه كان رجلًا كثير المال لا يولد له ولد، وله ابنُ أخٍ فقيرٌ لا وارثَ له غيره، فطالت عليه حياته فقتله ليرثه، فلما قتله احتمله ليلًا فأتى به سبطًا آخر، فوضعه على باب رجل منهم، ثم أصبح فادَّعاه، فكادوا يقتتلون، فأتوا موسى فأمرهم بذبح البقرة، قاله عطاء وابن سيرين.
والثاني: أن رجلًا من بني إسرائيل كانت له بنت وابن أخ لا مال له، فخطبها من أبيها فغضب أبوها ولم يزوِّجْهُ إياها، فقال: والله لأقتلن عمِّي، ولآخذنَّ ماله، ولأنكحنَّ ابنته، ولآكلنَّ ديته، فأتاه فقال: قد قدم تجارٌ في بعض الأسباط فانطلقْ معي فخذْ لي من تجاراتهم لعلِّي أصيبُ منها، فإنهم إذا رأوك معي أعطوني، فخرج معه، فلما بلغا ذلك السبط قتله ابن أخيه، ولما أصبح جاء يطلبُ عمَّه وقال: قتلتموه، ثم