للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اختلاط الظلام، وقد خاف وذَهِل عقلُه، فلما رأى القهرمانةَ خدمها على عادته وأبلغ، فدخلت الحجرة كأنها تشاور، ثم خرجت وقالت: الخليفةُ مودِّع، وسينتبه عن قريب. ثم فاوضَتْهُ فِي أحاديثَ وقالت له: قد عجزتُ عن الخدمة، وأريد الحجَّ، وأن تسأل أمير المُؤْمنين فِي ذلك، وأنت شفيعي إليه، واستحلفَتْه وأكَّدَتْ عليه الأيمان أن يحفظها فِي المشهد والمغيب، فلما استوثَقَتْ منه قالت له: قُمْ. فدخل فرأى الخليفةَ مُسَجًّى، فأجهش فِي البكاء، واستدعى وليَّ العهد وعرَّفه الحال، فبكى، ثم بايعه، وكانت وفاتُه فجأةً ليلة السبت خامس عشر المحرَّم. وقيل: إن القهرمانة سمَّته فِي ذلك الطعام لأنها خافَتْه، وكان عمره ثمانيًا وأربعين سنة وثمانية أشهر ويومين، وخلافته تسع عشرة سنة وخمسة أشهر ويومين، وصلَّى عليه ولده المستظهر، وحُمِلَ تابوتُه إِلَى الرُّصافة، ووَزَرَ له فخر الدولة ابنُ جَهير وابنُه عميد الدولة، ثم أبو شجاع، ثم عزله وأعاد عميدَ الدولة، وكان على قضائه أبو عبد الله الدامَغاني، ثم أبو بكر الفامي، وحاجبه أبو عبد الله المردوسي، ثم أبو نصر بن المفرج، وخلَّف ستَّ بنين.

محمَّد بن أبي هاشم (١)

أمير مكة، كان ظالمًا، جبارًا، فاتكًا، سفاكًا للدماء، مسرفًا، متلونًا، تارةً مع الخلفاء، وتارةً مع المصريين، وكان يقتل الحاجَّ ويأخذ أموالهم، وكانت وفاته بمكة وقد ناهز السبعين (٢) فرح المسلمون بموته، وقام بعده ولده هاشم.

المستنصر مَعَد

ابن عليّ الظاهر بن منصور، الحاكم، أبو تميم، صاحب مصر، ولد بالقاهرة سادس عشر جمادى الآخرة سنة عشرين وأربع مئة، وبُويع يوم مات أبوه وهو يوم الأحد منتصف شعبان سنة سبع وعشرين، وعمره يومئذ سبع سنين وسبعة وعشرون


(١) الكامل ١٠/ ٢٣٩.
(٢) فِي (ب): التسعين، والصواب ما أثبتُّه، وهو الموافق لما فِي الكامل ١٠/ ٢٣٩، والنجوم الزاهرة ٥/ ١٤٠.