للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يومًا، وخُتِنَ وهو ابن ست سنين، وأقام واليًا ستين سنة وأربعة أشهر وثلاثة أيام، ولم يَلِ أحدٌ من الخلفاء الأمويين والعباسيين والمصريين مثلَ هذه المدة، وعاش سبعًا وستين سنة وخمسة أشهر فِي الهزاهز (١) والشدائد والوباء والغلاء والجلاء والفتن، وكان القحط في أيامه سبعَ سنين مثل سنيِّ يوسف الصِّدِّيق صلوات الله عليه، من سنة سبع وخمسين [وأربع مئة] (٢) إِلَى سنة أربع وستين وأربع مئة، أقامت البلاد سبع سنين، يطلع النيل فيها وينزل، ولا يوجد مَنْ يزرع؛ لموت النَّاس، واختلاف الولاة والرعية، فاستولى الخرابُ على البلاد، ومات أهلها، وانقطعت السُّبُل برًّا وبحرًا، وكان معظم الغلاء سنة اثنتين وستين، وكانت وفاته يوم عيد الفطر وهو يوم الخميس ثامن عشر من ذي الحجة، وبايعَ النَّاسُ ابنَه أَبا القاسم أَحْمد، ولُقِّب بالمستعلي بالله، وتُوفِّي سنة خمس وتسعين وأربع مئة، وسنذكره إن شاء الله تعالى.

وقال أبو يعلى بن القلانسي: فِي أيامه ثارت (٣) الفتن فِي (٤) بني حمدان وأكابر القُوَّاد، وغلَتِ الأسعار، واضطربَتِ الأحوال، واختلَّتِ الأعمال، وحصره ماءٌ فِي قصره (٥)، وطُمِعَ فِي خلعه؛ لضعف أمره، ولم يَزَلْ على ذلك حتَّى استدعى أمير الجيوش بدرًا الجمالي من عكَّا إِلَى مصر، فاستولى على التدبير، وقتل جماعة ممن يطلب الفساد، فتهمدت الأمور، ولم يبقَ للمستنصر أمرٌ ولا نهيٌ إلَّا الركوب فِي العيدين، ولم يزَل كذلك حتَّى مات بدر وقام بعدَه ولدُه الأفضل، ولمَّا مات المستنصر وقام المستعلي مقامَه وتقرَّرت الأمور خرج عبد الله ونزار ابنا المستنصر من مصر خيفةً، وقصد نزار الإسكندرية، وحصل عند نصير الدولة واليها، وجَرَتْ بينه وبين الأفضل حروب.


(١) المثبت من (ب)، والهزاهز: الابتلاءات والفتن. ووقع فِي (خ): الهزائز: وهي الشدائد.
(٢) ما بين حاصرتين من (ب).
(٣) فِي (خ): كانت، والمثبت من (ب).
(٤) فِي (خ): بين، والمثبت من (ب).
(٥) العبارة فِي (خ): حصر فِي قصره، والمثبت من (ب).