للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال: والنهر الذي يدخل فيها من البحر، تدخل فيه المراكب بقلوعها (١)، فتقف على حوانيتِ التجار تبيع وتشتري.

وفي داخلها كنيسةٌ بُنيت على اسم بطرسَ وبولصَ الحوارِيَّيْنِ، وهما فيها في جُرنٍ من الرخام مدفونين، وطولُ هذه الكنيسة ثلاثة آلاف ذراع، وعرضها ثلاث مئة ذراع، وقيل: ألف ذراع، وهي مبنية على قناطِرَ من صُفْرٍ ونحاس، وكذا أركانها وسقوفها وحيطانها، وهي من العجائب.

قالوا: وفيها كنيسة مثل البيت المقدَّس على عرضه وطوله، مُرصَّعةٌ باليواقيت والجواهر والزُّمرُّد، وطول مَذْبَحِها عشرون ذراعًا من الزمرد الأخضر، وعرضه ستة أذرع، يحملها اثنا عشر تمثالًا من الذهب الإبريز، طول كلِّ تمثالي ذراعان ونصف، ولكل تمثالٍ عينان من الياقوت الأحمر تضيء الكنيسة منهما، ولها ثمانيةٌ وعشرون بابًا، وطولُ الكنيسة ميلٌ، وأبوابها من الذهب.

قالوا: ولرومِيَة ألفُ بابٍ من النحاس الأصفر، سوى العود والصنوبر والخشب والآبنوس المنقوش، الذي لا يُدْرَى ما قيمته، قالوا: وبها ألفٌ ومئتا كنيسة، وأربعون ألف حمام (٢).

وفيها طِلَّسْماتٌ للحيات، والعقارب لا تدخل إليها، وطِلَّسْمٌ يمنع الغريبَ من الدخول إليها، وملكها يقال له: "الباب"، وهو الحاكمُ على دين النصرانية (٣)، بمنزلةِ الخليفة في المسلمين، وفي وسطها سوق يباع فيه الطير مقدار فرسخ، وقد ذكرنا أن مملكتها مسيرة ثلاثة آلاف فرسخ، وبها عجائب نذكرها في فصل العجائب.

[فصل في مدائن مصر وما والاها]

أما الفُسْطَاط فسنذكره عند فتوح مصر وكذا القاهرة عند بنائها.

وذكر ابن حَوْقل في "كتاب الأقاليم" فقال: وأما مصر فلها حدٌّ يأخذ من بحر الروم


(١) القِلْع: الشراع.
(٢) "المسالك والممالك" ص ١١٣ - ١١٥.
(٣) بعدها في "كنز الدرر" ١/ ١٢٣: "كلها برها وبحرها، ومنزلته".