للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من الإسكندرية، إلى بَرْقَة في البرية، ثم إلى ظهر الواحات، ويمتد إلى بلاد النُّوبَة، ثم يعطف على حدِّ أسوان إلى أرض البجاة وينتهي إلى بحر القُلْزُم إلى طور سَيناء، ثم يعطف على تيه بني إسرائيل مارًّا في الجِفار إلى بحر الروم خلف العَريش إلى رَفَح، ثم يعود على ساحِل البحر الروميِّ إلى الإسكندرية (١).

ومن مدائنها القديمة: مدينة فرعون، واسمها مَنْفُ، وقيل: عين شمس، وكان قد بالغ في بنائها وجعل لها سبعين بابًا، وبنى حيطانها بالصُّفر والنحاس، وزخرفها بالذهب والفضة، وأجرى الأنهار تحت قصورها، وأجرى الماء تحت سريره ونصبه على الماء، وافتخر وقال: ﴿وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي﴾ [الزحْرف: ٥١] وبالغ فيما فعل (٢). وسنذكره في قصته مع موسى .

ومنها: الإسكندريَّة، واختلفوا في بانيها على أقوال:

أحدها: شدَّاد بن عاد. قاله وهب.

والثاني: الإِسكندر الأول ذو القرنين، وهو المقَدُوني. قال الهيثم بن عدي: ومَقَدُونية هي أرض مصر، وإنما سميت مصر بمصر بن حام بن نوح ، وكان مصر بن حام لما انفصل عن بابل نزلها، فنسبت إليه، وقسمها بين أولاده الأربعة، وهم قفط وأشمون وأقرن وصا، وكان قفط هو الأكبر، وسمى كل مكان باسم ولد.

وقال الهيثم: مرَّ بها ذو القرنين فأعجبه مكانها وصحةُ هوائها، فأمر بعمارتها، فلما شرع وجد أثر البنيان، ومرمرأ ورخامًا وعمودًا عليه بالقلم المسند من أقلام حِمير، فحلَّه فإذا هو: أنا الملك شدَّادُ بن عاد، شددت بساعدي البلاد، وقطعت الأطواد، وبنيت إرم ذات العماد، التي لم يكن مثلها في البلاد، وأردت أن أبني هنا مثل إرم، وأنقل إليها كل ذي قدم، من جميع الأمم، لا خوف ولا هرم، ولا غم ولا سقم، فرماني الدهر بسهمه، فأصاب مقتلي، وأخرجني من داري ووطني، فمن رآني فلا يغترَّ بالدنيا بعدي.


(١) "صورة الأرض" ص ١٢٦.
(٢) انظر "المسالك والممالك" ص ١٦١.