للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والأشرف من مِصْر لدفع التتر عن البلاد، وقُتِلَ في هذه النوبة [صديقنا] (١) عِزُّ الدِّين بن سَعْد بن كوجيا الحلبي، وكان شابًّا، حسنًا، دَيِّنًا، صالحًا، ورجع التتر إلى خِلاط، وعَبَرَ الكامل والأشرف الفرات، ونزلا على آمد في ذي الحِجَّة.

وولى الأشرفُ القاضي عماد الدين عبد الكريم بن الحَرَسْتاني في قضاء القضاة بدمشق، وقرأ عهده بهاء الدين ابن أبي اليُسْر.

وفيها فتح الكامل آمد، واستولى على قلاعها وذخائرها، وأخذ صاحبها معه إلى مِصْر، ثم خامر عليه، فاعتقله إلى أن مات الكامل، وقُتِلَ في السنة الآتية.

وفيها توفي

إسماعيل بن إبراهيم (٢)

الفقيه الحنفي، شرف الدِّين.

وهو ابن خالة شمس الدين بن الشِّيرازي، وكانا ينوبان في القضاء عن ابن الزكي، وكان شرف الدين فاضلًا عارفًا [بمذهب أبي حنيفة، قرأت عليه "الجامع الصغير"، وسمع الحديث الكثير، وكان] (١) زاهدًا عابدًا ورعًا، له تصانيف، منها "مقدِّمة في الفرائض" [(٣) قرأتُها عليه، وكان قد جرت له واقعة مع الملك المعظم، بعث إليه] يقول: أفتِ بإباحة الأنبذة، وما يعمل من الرُّمَّان ونحوه، فقال [شرف الدين] (١): لا أفتح هذا الباب على أبي حنيفة، وأنا على مذهب محمد في تحريمها، وإباحتها عند أبي حنيفة إنما هي رواية "النَّوادر"، وقد صح عن أبي حنيفة أنه ما شَرِبه قَطُّ، وحديث ابن مسعود لا يصح، وكذا ما يروى عن ابن عمر في إباحة شربه لا يثبت عنه. فغضب المعظم، وكان بيده مدرسة طَرْخان، وكان ساكنًا بها، فأخرجه منها، وأعطاها للزين ابن العَتَّال، وكان تلميذَ شرف الدين، [وقد قرأ عليه، وأحسن إليه] (١)، فلم يتأثَّر شرف


(١) ما بين حاصرتين من (ش).
(٢) له ترجمة في "التكملة" للمنذري: ٣/ ٣٠٩، و"المذيل على الروضتين": ٢/ ٢٥، وفيه تتمة مصادر ترجمته.
(٣) في (ح): وبعث المعظم إليه، والمثبت ما بين حاصرتين من (ش).