للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفيها ولَّى الواثق محمدَ بن إبراهيم بن مصعب بلاد فارس.

وفيها كثرت الزلازل في الدنيا، خصوصًا المغرب والشام، وانهدمت حيطانُ دمشق، ومات خلقٌ كثيرٌ، وكذا بحمص وأنطاكية، وكان أشدُّها في أنطاكية والعواصم، ثمَّ امتدَّت إلى الجزيرة، وأخربت بلادها والمَوْصل ودامت أيامًا.

وفيها مات الواثقُ وبويع المتوكِّلُ.

الباب العاشر في خلافته (١)

واسمه جعفر بن محمد المعتصم (٢) بن الرشيد، وهو أخو الواثق لأبيه، وكنيته أبو الفضل، وأمّهُ شُجاع أم ولد خُوَارِزميَّة، وقيل: تركية، ولد بفم الصّلح سنة سبع، وقيل: سنة خمس ومئتين، وكان أسمر نحيفًا، خفيف العارضين، مليح العينين، ربعة [وقال ابن أبي دؤاد: رأيت المتوكل وهذه صفته]، ولا يعرفُ خليفةٌ صار جدًّا قبل أن يبلغَ ثلاثين [سنةً] إلا المتوكِّل، ولا تُعْرَفُ امرأةٌ ولدتْ خليفةً وصار جدًّا وله ثلاثةُ أولادٍ ولاةُ العهود إلَّا شجاع [الخوارزمية، وهي أمه كما ذكرنا]، وكانت [قد] (٣) عُرِضَت على المعتصم في زيِّ غلامٍ عليه قَبَاءٌ وقَلَنْسُوة، فأعجبته ظنًّا منه أنَّها غلام فقيل له: إنَّها جارية، فقال: ذاك أعجبُ إليَّ فاشتراها.

ولمَّا مات (٤) الواثقُ اجتمعَ وصيفٌ التركيّ، وأحمدُ بن أبي دؤاد، ومحمد بن عبد الملك الزيَّات، وأحمد بن خالد المعروف بأبي الوزير، وعمر بن فرج، فعزمَ أكثرُهم على توليةِ محمد بن الواثق، وكان ابن الزيَّات أميلَهم إليه؛ كراهة للمتوكل، فأحضروه وهو غلامٌ أمرد قصير، فقال ابن أبي دؤاد: ما تتقونَ الله، تولون مثل هذا الخلافة على المسلمين؟! فأرسلوا بغا الشرابيَّ إلى المتوكل فأحضره، فقام ابنُ أبي دؤاد فألبسه الطَّويلة والدرَّاعة، وعمَّمه، وقبَّل ما بين عينيه، وقال: السلامُ عليك يا أمير المؤمنين


= ١١/ ١٧٧.
(١) في (ب): ذكر خلافة المتوكل على الله.
(٢) في (خ) و (ف) و (ب): بن المعتصم. وهو خطأ.
(٣) ما بين حاصرتين من (ب).
(٤) من هنا إلى قوله: وروى الخطيب عن عليِّ بن الجهم. ليس في (ب).