للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكان ممن خرج مع رسول اللَّه إلى حُنين، ينتظر الدبرة عليه، فلما نصره اللَّه لقي النُّضير فقال له: يا نضير، هذا خيرٌ مما أردتَ، فقال: يا رسول اللَّه، واللَّه ما خرجت إلا لأغتالك، أو تكون الدبرة عليك، فأعين عليك، وأما الآن فقد أراد اللَّه غير ذلك، وأطلعك على ما في نفسي، أشهد أن لا إله إلا اللَّه، وأسلم وحسن إسلامه، وأعطاه رسول اللَّه مئةً من الإبل مع المؤلفة قلوبهم، ولما عاد رسول اللَّه إلى المدينة من حُنين هاجر معه، وأقام حتى تُوفّي رسول اللَّه ، وخرج إلى الشام غازيًا، فقتل يوم اليرموك شهيدًا، وكان يُعدُّ من حُلَماء قريش.

وقال البلاذري: هاجر إلى الحبشة، ثم قدم مكة فارتدّ عن الإِسلام، ثم أسلم يوم الفتح (١).

وقال الزبير: كان يحمد اللَّه على ما من به عليه من الإِسلام، وحيث لم يمت على ما مات عليه أخوه وأبوه، ولما أمر له رسول اللَّه بمئة من الإبل يوم حنين، توقف في أخذها، وقال: إنما أسلمتُ للَّه، لا على رشوة، ثم قال: ما سألتُها، فأخذها وأعطى الذي بَشَّره بها عشرةً منها، وكان رجلًا من الدّيل (٢).

نُعَيم بن عبد اللَّه بن أَسيد العدوي

وهو النَّحّام، أسلم قديمًا قبل عمر بن الخطاب، بعد ثمانيةٍ وثلاثين إنسانًا، وهو التاسع والثلاثون، وقيل إنه أسلم بعد عشرة، ولم يزل مُقيمًا بمكة، يحوطه قومه وأهلُه لشرفه، حتى كان إلى زمن الحُدَيبية؛ لأنه كان يُنفق على أرامل بني عدي وأيتامِهم لشرفه، وهو من الطبقة الثانية.

شهد مع رسول اللَّه الحُدَيبية وما بعدها، وقدم على رسول اللَّه في سنة ستّ، ومعه أربعون من أهله، فاعتنقه النبي وقبَّله، وقيل: وسمّي النّحام لقول النبي : "دخلتُ الجنة، فسمعتُ نَحْمَة من نُعيم".

وروي أن النبي قال له: "يا نُعيم، إن قومَك خيرٌ من قومي، إن قومي


(١) أنساب الأشراف ٥/ ٢٦.
(٢) طبقات ابن سعد ٦/ ٦٥، والاستيعاب (٢٦٢٧)، وتاريخ دمشق ١٧/ ٥٨٠، والتبيين ٢٤٧، والإصابة ٣/ ٥٥٧.