للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[وفيها تُوفِّي]

[يعقوب بن يوسف]

أبو الفرج بن كِلِّس، وزير العزيز صاحب مصر، كان يهوديًّا من أهل بغداد، فانتقل إلى الرَّملة، وصار سمسارًا للتجار، فانكسر عليه مالٌ، فهرب إلى مصر، فتاجر لكافور الأخشيدي، فرأى منه [كافور] فِطنةً ومعرفةً، فقال: لو كان مسلمًا لصلُح أن يكون وزيرًا.

فأسلم يوم الجمعة بجامع مصر طمعًا في الوزارة، فقصده الوزير ابن حِنزابة، فهرب إلى المغرب، فاتَّصل بيهود كانوا مع المُعِزِّ، وخرج المُعِزُّ إلى مصر، وخرج معه، فلمَّا مات المُعِزُّ وقام ابنُه العزيز استوزَره [في] سنة خمس وستين وثلاث مئة، فقام بأمره كما يجب، وغلب على العزيز، وكان عالي الهِمَّة، عظيم الهيبة، ناصحًا لصاحبه (١).

ذكر وفاته

[قال ابن الصابئ]: كانت أمور العزيز مستقيمةً بتدبيره وحُسن نظره، فلمَّا اعتلَّ عِلَّة الوفاة ركب العزيز إليه عائدًا، فشاهده على حال الإياس، فغمَّه أمرُه، وقال: وددتُ أنّكَ تباع (٢) فأشتريك [من الموت] بملكي، أو تُفتدى فأفديَكَ بولدي، فهل من حاجةٍ توصيني بها؟ فبكى وقبَّل يده وتركها على عينه، وقال: يا مولانا، أمَّا فيما يخصُّني فلا؛ لأنك أرعى لحقِّي من أن أسترعيَكَ إيَّاه، وأرأفُ على من أخلِّفُه من أن أوصيك به، ولكنني أنصح لك فيما يتعلق بدولتك. فقال: قُلْ يا يعقوب، فقولُكَ مسموع، ورأيُكَ مقبول. فقال: سالِمِ الرومَ ما سالموك، واقنَعْ من الحَمْدانية بالدَّعوة والسَّكَّة (٣)، ولا تُبقِ على المفرج بن دَغْفل بن الجراح متى أمكنَتْكَ منه فرصةٌ. ثم توفي، فحضر العزيز جنازتَه، وصلَّى عليه وألحده بيده [في قبره، (٤)، ودفنَه في قُبَّة من دار العزيز


(١) ينظر السير ١٦/ ٤٤٢.
(٢) في (م): تشترى، وفي (م) جاءت العبارة: لو أنك تُشترى، والمثبت من (خ) و (ب)، وهو الموافق لما في المنتظم ١٤/ ٣٤٧، والكامل ٩/ ٧٧، والخبر فيهما، وكذلك هو في السير، والزيادة الآتية منه.
(٣) في (م) و (م): والخطبة.
(٤) ما بين حاصرتين من (ب).