للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفيها توفّي

عُمر (١) بنُ سعد بن أبي وقَّاص

قد ذكرنا أن عُمر بن سعد لمَّا أقبل على أبيه وهو نازل بالعقيق ورآه من بعيد قال: أعوذ بالله من شرِّ هذا الراكب (٢).

وقال الهيثم: كان سعد بنُ أبي وقَّاص جالسًا يومًا، فجاءه غلامٌ له ودمُه يسيلُ على عقبيه، فقال له سعد: مَنْ فعلَ بك هذا؟ فقال: عمر. فقال سعد: اللهمَّ اقْتُلْه، وأَسِلْ دَمَه. وكان سعدٌ مستجابَ الدعوة (٣). ففعل به المختارُ ذلك.

ذكر مقتله:

حكى أبو مِخْنَف قال: قال المختار يومًا لجلسائه: لأقتلنَّ [غدًا] (٤) رجلًا عظيم القدمين، غائرَ العينين، مشرفَ الحاجبين، يسرُّ مقتلُهُ المؤمنين والملائكة المقرَّبين.

قال: وكان الهيثم بن الأسود النَّخَعي عند المختار، فوقع في نفسه أنَّه يريد عُمر بن سعد، فأرسلَ إليه مع ابنه العُرْيان وقال: خُذْ حذرَك، فما يريد غيرَك. فقال: بعد أن أعطاني العهود والمواثيق! وكان المختار أوَّلَ ما ظهر؛ كلَّمه عبدُ الله بنُ جَعْدة بن هُبيرة -وكان عنده كريمًا لقرابته من عليّ فقال: أُريد أمانًا لعُمر بن سعد. فكتب إليه أمانًا، مضمونُهُ: هذا أمانٌ لعُمر بن سعد من المختار أنَّه آمنٌ على نفسه ومالِه وأهلِه وولده ما أطاعَ ولزمَ رَحْلَه ومصره ما لم يُحْدِثْ حَدَثًا. وأشهدَ فيه عبدَ الله ابنَ شدَّاد، وعبدَ الله بنَ كامل، وغيرَهما. قالوا: وأراد المختار بقوله: ما لم يُحْدِثْ حَدَثًا أي: يأتي الخلاء.

ولما بعث إليه الهيثمُ مع ابنه العُريان؛ خرج ليلًا من رَحْلِه ومنزله إلى حمَّام (٥)، فقال له بعضُ مواليه: ما تُريد؟ فأخبره، فقال: وأيُّ حَدَث أعظمُ ممَّا أتيتَ؟ خرجتَ عن رَحْلك ومنزلك، ارجع إلى رَحْلك. فرجع.


(١) المثبت من (م)، وفي غيرها من النسخ الخطية: عَمرو، وهو خطأ.
(٢) صحيح مسلم (٢٩٦٥).
(٣) ينظر "أنساب الأشراف" ٦/ ٦٤.
(٤) لفظة: غدًا، من "تاريخ" الطبري ٦/ ٦٠.
(٥) في (م): حمَّامه.