للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وما ذاك يا رسول الله؟ قال: "ما أتيتُ على قول الله تعالى: ﴿فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ﴾ إلا وقالت الجِنُّ: ولا بشيءٍ من نِعَمِك يا ربَّنا نكذِّب".

[وفيها تُوفِّي]

إسماعيل بن علي (١)

ابن الحسين بن زنجويه، أبو سعد، الرازي، الحافظ، الحنفي، طاف الدنيا، ولقي الشيوخ، وأثنى عليه العلماء، وكان ورعًا زاهدًا فاضلًا، أقام زمانَه بغير مدافعة، وما رأى مثلَ نفسه في كلِّ فن، ولم يكن لأحد عليه مِنَّة، ولم يضَعْ يده في قصعة أحد طول عمره، ووقَفَ كُتبَه التي لم يوجد مثلُها على المسلمين، وكان يقال له: شيخ العدلية (٢)، ومات بالريِّ، ودُفِنَ بجبل طَبْرَك إلى جانب محمد بن الحسن (٣)، وقرأ على ألف وثلاث مئة شيخ، وقرأ عليه ثلاثة آلاف، وصنَّف كتبًا كثيرة، ولم يتزوج، وتُوفِّي في شعبان وله أربع وتسعون سنة، لم تفُتْه فريضةٌ، وقال ابن عساكر: سمع نحوًا من أربعة آلاف شيخ.

[وفيها تُوفِّي]

محمد بن محمد بن أحمد (٤)

أبو الحسن، البُصروي، [الشاعر]، وبُصرى: قرية بِدُجيل دون عُكْبَرا، وكان شاعرًا، فصيحًا، فاضلًا، ظريفًا، مطبوعًا، وله نوادر، منها أنه قال له رجل: لقد شربتُ الليلةَ كثيرًا، فاحتجْتُ القيامَ للبول كلَّ ساعة، كأنِّي جَدْيٌ. فقال له: لِمَ تُصغَرْ نفسَك يا سيدنا؟

وكانت وفاته ببغداد في ربيع الأول، ومن شعره: [من الوافر]

ترى الدنيا وزهرتَها فتصبو … وما يخلو من الشَّهواتِ (٥) قَلْبُ

فضولُ العيشِ أكثرُها همومٌ … وأكثرُ ما يضرُّكَ ما تُحِبُّ


(١) تاريخ دمشق ٩/ ٢١ - ٢٤. وينظر السير ١٨/ ٥٧.
(٢) يعني مذهب المعتزلة.
(٣) تحرف في (خ) إلى: الحسين، ومحمد بن الحسن: هو الشيباني صاحب أبي حنيفة.
(٤) تاريخ بغداد ٣/ ٢٣٦، والمنتظم ١٥/ ٣٣٢ - ٣٣٣، والكامل ٩/ ٥٨٠ - ٥٨١.
(٥) في (خ) و (ف): الشبهاتِ، والمثبت من المصادر: الشهوات.