للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[قلت: سبحان الله، كيف سمحت نفس الأشرف بهلاك رجل مسلم قد خدمه مدة سنين، وحفظ بلاده من السلاطين، وكسر جيوش المخالفين! وكان الأشرف يكون تارة بمصر وتارة بالشام، والحاجب علي يسوس الملك بتدبيره على أحسن نظام، وما خان الحاجب في درهم ولا دينار، ولا قصَّر في خدمة ربّه آناء الليل وأطراف النهار، ولكن حبه لدمشق هو الذي هون عليه هلاك الحاجب، وأنساه خدمة المشفق الصَّاحب] (١).

ولما وصل الكتاب إلى أيبك رمى الحاجب في جُبّ، وأَخَذَ جميع ماله، وبَعَثَ إليه بجماعة من الأرمن، فخنقوه.

ولما فُتحت خِلاط عمد مماليك الحاجب إلى أيبك، فقطَّعوه، ثم اعتقل الأشرف أخا الحاجب في قلعة دمشق، واستأصله، ثم أطلقه، وسار الخوارزمي، فنزل في أعمال توريز.

وفيها مات الحِلِّي الشَّاعر (٢)، [وقد ذكرناه لما أخذ المسلمون دمياط] (١).

السنة الثَّامنة والعشرون وست مئة

في جُمادى الأُولى ذَكَرَ التَّقيُّ بنُ الصَّلاح الدَّرْس في المدرسة الشَّامية [التي وقفتها بنت حسام الدين (٣) لاجين بن ست الشَّام على الشافعية بدمشق،] المجاورة لمارَسْتان نور الدين.

وفي رجب ذكر النَّاصح بن الحنبلي الدَّرْسَ في المدرسة التي أنشأتها ربيعة خاتون بنت أيوب بقاسيون، وحبس الأشرفُ [عليًّا] (١) الحريريَّ بقلعة عَزَّتا.

وفي رمضان ساق التَّتر خلف [جلال الدين] (١) خوارزم شاه من بلاد توريز، فانهزم بين أيديهم إلى دياربكر، وكان قد استحلف صاحب آمد متى قصده فَتَحَ له باب آمِد،


(١) ما بين حاصرتين من (ش).
(٢) هو راجح بن إسماعيل بن أبي القاسم الأسدي، الحِلِّي الشاعر، أبو الوفاء، له ترجمة في "التكملة" للمنذري: ٣/ ٢٦٨، و"تاريخ الإسلام": (وفيات سنة ٦٢٧ هـ)، و"العبر" للذهبي: ٥/ ١٠٨، و"النجوم الزاهرة": ٦/ ٢٧٥، و "شذرات الذهب": ٥/ ١٢٣.
(٣) كذا قال، وهي الشامية الجوانية، والمشهور أن التي وقفتها ست الشام، انظر "الدارس": ١/ ٣٠١، و"منادمة الأطلال": ١٠٨. وانظر ص ٢٤١ من هذا الجزء.