أذكَرْتَنا شِيَمَ المُهَلَّبِ في النَّدى … والبأسِ إذ هي شِدَّةٌ ورَخاءُ
وشَمائلٌ شهِدَ العدوُّ بفضلها … والفَضْلُ ما شَهِدَت به الأعداءُ
وبلغ الخالديَّين، فانحدرا خلفه، وتوصَّلا إلى المهلَّبي حتى صارا من نُدمائه، وجعلا هِجِّيراهُما ثَلْبَه، فأعرض عنه ولم يُعطه شيئًّا، فآل أمرُه إلى أن عَدِم القُوتَ، ومات ببغداد (١).
[العباس بن الحسين]
أبو الفَضْل، الشِّيرازي، الوزير.
كان جبَّارًا، فاتكًا، ظالمًا، قُتل بالكوفة بسقية الذَّراريح، ودُفن بمشهد علي ﵇ وهو ابن تسع وخمسين سنة.
[عبد الصمد بن محمد القاهر بالله]
كان القاهر بالله قد رشَّحه للخلافة لأنه أكبر ولده، فلما ولي الراضي بالله قطع لسانَه، فنبت بعد أربع سنين، فكتمه، فخَلَت به عمَّتُه أم سلمة بنت المُعْتَضد -وكانت عاقلةً فَاضلة- فقالت له: قد تحدَّث بنبات لسانك الخدمُ، وتسهيلِ الكلام عليك، فأنكر، فألحَّت عليه، فقال لها بلسانٍ ثقيل: يا عمتي، إن اعترفتُ ذهب رأسي، فلما كلَّمها سجدت لله شكرًا وقالت: اكتم حالَك، وأرى لك من المصلحة الخروج من هذا البلد، فربَّما شاع خبرُك فتهلك.
فخرج إلى مصر، فاستقبله كافور وأعظمه، وذلك في سنة أربع وثلاثين وثلاث مئة، ثم إن عبد الصمد قصَّر في حقِّ كافور، فغاظه، فأعرض عنه، فأُشير عليه بقصد كافور، والاعتذارِ إليه واستنزال ما عنده،، فقَصده في داره، فرجع إلى ما كان عليه من الإحسان إلى عبد الصمد، وواصل برَّه، وقام بأمره أحسنَ قيام، فكان يركب بالقباء، ويَحضر دارَ كافور في المواسم والأعياد وأيام المواكب، فيُعظّمه الناس ويخدمونه.
(١) انظر في ترجمته: تاريخ بغداد ١٠/ ٢٦٩، ويتيمة الدهر ٢/ ١٣٧، والمنتظم ١٤/ ٢١٨، ووفيات الأعيان ٢/ ٣٥٩، والسير ١٦/ ٢١٨، وتاريخ الإسلام ٨/ ٣٣٤.