للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الباب الثاني: في ذكر وصيته لأصحابه وأتباعه وأحبابه]

قال ابن سعد: حدثنا الواقدي، حدثنا عبد الله بن جعفر، عن ابن أبي عون، عن ابن مسعود قال: نعى رسول الله إلينا نفسه قبل موته بشهر، جمعنا في بيت أمِّنا عائشة، ونظر إلينا، فدمعت عيناه، وقال: "مَرحَبًا بكُم، حَيَّاكُم اللهُ بالسَّلامِ، رَحِمَكُم اللهُ، آَوَاكُم الله، حَفِظَكم اللهُ، رَفَعكُم اللهُ، نَصَركُم اللهُ، نَفَعكُم اللهُ، وَفَّقكُم اللهُ، هَداكُم اللهُ، سَلَّمكُم اللهُ، وَقاكُم اللهُ، [أيّدكم الله] أوصيكُم بتَقْوَى الله، وأُوصي اللهَ بكُم، وأَستَخلِفُه عليكم، وأُحذِّركُم اللهَ، إنَّني لكُم منه نذيرٌ وبشيرٌ، ألَّا تَعلُوا على الله في عبادِه وبلادِه، فإنَّه هو القائل: ﴿تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ (٨٣)[القصص: ٨٣] "، قال: فقلنا: يا رسول الله، متى الأجل؟ قال: "قد دَنَا، والمُنقَلَبُ إلى اللهِ وإلى سِدْرَةِ المُنْتَهى وجَنَّةِ المَأْوى والفردَوْسِ الأَعلى" قلنا: يا رسول الله، من يُغسَّلك؟ قال: "رجالُ أهلِ بَيْتِي، الأَدْنَى فالأَدْنَى" قلنا: يا رسول الله، ففيم نكفَّنكَ؟ قال: "في ثِيابِي هذه إن شِئتُم أو حُلَّة يمَانية أو بَياض مصرَ" قلنا: فمن يصلَّي عليك، وبَكَينا، فقال: "مَهْلًا رحمَكُم اللهُ، وجَزَاكم اللهُ عن نبيَّكُم خيرًا، إذا وضَعتُموني على سَريري بعدَ أن تغسَّلُوني وتُكفَّنوني، فَضَعُوني على شَفيرِ قَبري، ثم اخرجُوا عنِّي ساعةً، فأول مَن يصلِّي علي خَلِيلي وحَبيبي جبريلُ" وفي رواية: "الله تعالى، ثم ميكائيلُ، ثم إِسْرافيلُ، ثم ملَكُ الموتِ مع ملائكةٍ كثيرةٍ، ثم ادخُلُوا عليَّ فَوجًا فَوجًا، فصلُّوا عليَّ وسلَّموا تسليمًا، ولا تؤذوني بصيحة ولا برَنَّة، وليبدأ بالصلاةِ عليَّ رجالُ أهل بَيتي، ثم نِساؤُهم، ثم أَنتُم، وأقرِؤُوا السَّلام عنِّي مَن غابَ من أَصحابي ومَن تَبعَني على ديني من يَومي هذا إلى يوم القيامةِ، أَلَا وإنِّي أُشهِدُكُم أنَّي قد سَلَّمت على كلِّ من دخل في الإسلام إلى يومِ القيامةِ"، وفي رواية: فقلنا: من يدخلك قبرك؟ فقال: "أَهلي مع ملائكة كثيرة"، قلنا: وإلى أين المصيرُ؟