للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولد سنة خمسين وأربع مئة، وتفقَّه على أبي المعالي الجُوَيني، فكان يعيد الدَّرسَ بمدرسةِ نَيسَابُور على كل مَرْقاة سبعين مَرَّة، وكانت المَرَاقي سبعين مَرْقَاة.

قَدِمَ بغداد، ودَرَّسَ بالنّظامية، ووَعَظ، وذكر مذهب الأَشْعريّ فَرُجِمَ، وثارتِ الفِتَن، واتُّهم بمذهب الباطنية، فأراد السُّلْطان قَتْلَه، فمنعه المُسْتظهر، وشَهِدَ له بالبراءة منه جماعة، وتوفي يوم الخميس غُرَّة المُحَرَّم، ودُفِنَ عند أبي إسحاق الشِّيرازي.

[السنة الخامسة وخمس مئة]

فيها عَزَلَ السُّلْطان محمَّد وزيرَه أَحْمد بن نِظام المُلْك في رمضان، فكانت وزارتُه أربعَ سنين وأحَدَ عَشَرَ شهرًا (١).

وولد للخليفة ولدٌ من بنت السُّلْطان محمَّد، فجلس النَّاس للهَنَاء ببابِ الفِردَوس، وتوفِّي أخٌ للخليفة، فجَلَس في عَزَائه بباب الفِرْدوس (١).

وفيها جمع بغدوين وحَشَدَ لقَصد صور، فكتب واليها [وأهلها] (٢) إلى طُغْتِكين [يستنجدوا به و] (٣) يسألونه أَن يسلموها إليه قَبْلَ مجيء الفرنج، لأنَّهم يئسوا من نُصرة مِصر، فبعث إليهم [أتابك] (٣) الفُرسان والرَّجَّالة، وجاءهم من جبل عاملة، وسار إليها بغدوين في الخامس والعشرين من جُمادى الأولى فَقَطعَ أشجارها، وقاتلها أيامًا، ويعود خاسرًا.

وخرج طُغْتِكين من دمشق، وخَيَّم ببانياس، وجَهَّز الخَيَّالة والرِّجال إلى صور نجدةً، فلم يقدروا على الدُّخول، فسار إلى السَّواد، فنزل على الحبيس (٤)، وهو حِصن عظيم، وحاصره، ففتحه عَنوَةً، وقتَلَ كلَّ مَن فيه، وشَرَعَ بغدوين في عَمَلِ الأبراج والزَّحفِ على صور، وزَحَفَ إليهم (٥) أتابك ليَشْغَلَهم [عن صور] (٣) فخندقوا عليهم، وهَجَمَ الشِّتاء، ولم يبال الفرنج لأنَّهم كانوا في أَرضٍ رَمْلَةٍ، [والمسلمون في أرضٍ وعْرة]


(١) انظر "المنتظم": ٩/ ١٦٨.
(٢) ما بين حاصرتين من (ب) و (م) و (ش).
(٣) ما بين حاصرتين من (م) و (ش).
(٤) هو حبيس جلدك، وهو حصن بالسواد كما ذكر هنا، وقد جاء ذكره في "كتاب الروضتين": ٣/ ١٠٦ بتحقيقي.
(٥) في (ع) عليهم، والمثبت من (ب) و (م) و (ش).