للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وذكر ابنُ أبي الدنيا أن بعض أهل الحيرة خرج إلى ظاهرها، فحفر بئرًا قريبًا من ديرٍ خرابٍ فإذا كهيئة البيت، ورأى فيه رجُلًا على سريرٍ من زجاجٍ، وعنْد رأسه مكتوب: أنا عبد المسيح بن عمرو بن بُقيلة، عشتُ ثلاث مئةٍ وخمسين سنةً حاكمًا على الحيرة، ثم جاءني الموتُ فصيَّرني كما ترى، وتحته مكتوب: [من الوافر]

حلبْتُ الدهرَ أَشْطُرَهُ حياتي … ونِلْتُ من المنى فوق المزيدِ

وكافَحْتُ الأمورَ وكافحتني … ولم أَحفلْ بمُعْضلةٍ كَؤودِ

وكِدْتُ أنالُ في الشَّرف الثُّريا … ولكن لا سبيلَ إلى الخُلودِ (١)

فصلٌ في ذكر من عاش ثلاث مئة سنةٍ فما زاد (٢)

قال الكلبي: عاش قُسُّ بن ساعدة ثلاث مئة وثمانين سنةً. وقد وهم، والصحيح مئةٌ وثمانون سنةً وقد ذكرناه في صدر السيرة.

وعاش كعبُ بنُ حُمَمَة الدَّوْسي ثلاث مئة وتسعين سنةً، وعاش الرَّبيع بن ضَبُع الفَزاري ثلاث مئة وثمانين سنةً منها ستون سنةً في الإِسلام، وعاش المُسْتَوْغِر بنُ ربيعة ثلاث مئة وعشرين سنة وقال: [من الكامل]

ولقد سئمتُ من الحياة وطُولِها … وعَمَرْتُ من بعد السنين مِئينا

مئةٌ حَدَتْها بعدها مئتان لي … وازدَدْتُ من بعد الشُّهور سِنينا

هل ما بَقى إلّا كما قد فاتني … يومٌ يَمرُّ وليلةٌ تَحدونا

فأما من عاش ثلاث مئةٍ فخلقٌ كثيرٌ، منهم: ذو الإصْبَع العَدْواني واسمه: حُرْثان ابن مُحرِّث بن الحارثِ بن ربيعة، وهو أحدُ حُكَّام العرب في الجاهلية.

وروى الهيثم بن عديّ عمر مِسْعَر بن كِدام، حدثنا سعيد (٣) بن خالد الجَدَلي قال: لمّا قَدِم عبد الملك بن مروان الكوفة بعد قتل مُصعب دعا الناس، فأتيناه فقال: مَن


(١) أمالي المرتضى ١/ ٢٦٣، والمنتظم ٤/ ١٠٠.
(٢) هذا الفصل من (ك)، وليس في (خ) و (أ)، والمصنف ينقل من كتاب جده أعمار الأعيان ١١٤ - ١٢٣، وانظر فضل تخريج فيه.
(٣) وكذلك هو في أعمار الأعيان ١١٤، وأمالي المرتضى ١/ ٢٤٩، وصوابه: معبد، انظر جمهرة ابن حزم ٢٤٤، والأغاني ٣/ ٩١.