أحدُهما أنَّه أَرادَ هاجَرَ أُمَّ إسماعيل، كانت قبطيةً.
والثاني: مارية أُم إبراهيم كانت قبطيّةً.
رَجَعْنا إلى الحديث، وبعث إلى عمرَ بالفتحِ والأخماسِ، ونزل عمرو بالفُسْطاط واختطَّه المسلمون، ووضع عمر المسالح على السواحل إلى الشامِ، خوفًا من الرُّومِ، وكان هِرَقْلُ قد جَهَّزَ المراكب في البحرِ، وعزمَ على قصدِ الشامِ بنَفْسهِ وأن ينزل سوريَّةَ.
[ذكر كتاب عمر بن الخطاب ﵁ إلى نيل مصر]
حدثنا غيرُ واحدٍ عن أبي الفضل بن ناصر بإسناده، عن قيس بن الحجّاجِ، قال: لمّا فُتِحت مصرُ أتى أهلُها إلى عمرو بن العاص حين دخل بؤنه -من أَشهُرِ العَجَم- فقالوا له: أيُّها الأميرُ، إن لنيلنا هذا سُنَّةً لا يَجري إلَّا بها، فقال لهم: وما ذاك؟ قالوا: إذا دخلت اثنتا عَشْرَةَ ليلةً من هذا الشهرِ عَمَدْنا إلى جاريةٍ بِكْرٍ بين أبَوَيها فأرضَيْنا أهلها، وحملنا عليها من الحُليِّ والثيابِ أفضلَ ما يكون، ثم ألقيناها في النيل. فقال لهم: إنَّ هذا لا يكون في الإِسلام، وإنَّ الإِسلامَ يَهدمُ ما كان قبله.
فأقاموا بُؤنه وأبيب ومَسرى، وهي أَشهُرٌ معروفةٌ، لا يجري النيلُ قليلًا ولا كثيرًا، حتى همُّوا بالجَلاء عنها، فلما رأى ذلك عمرو، كتب إلى عمر بذلك، فكتب إليه عمر: إنَّكَ قد أصبتَ؛ لأنَ الإِسلامَ يهدِمُ ما قبله، وكتب بطاقةً داخل كتابه، وكتب إلى عمرو: قد بعثتُ إليك ببطاقةٍ في داخلِ كتابي، فألقِها في النيل.
فلما قَدِم كتابُ عمر إلى عَمرو أخذ البطاقةَ، فإذا فيها: من عبدِ اللَّه عمر أميرِ المؤمنين إلى نيلِ مصر، أما بعدُ: فإن كنتَ تَجري من قِبَلكَ فلا تَجرِ، وإن كنتَ إنما تجري بأمرِ اللَّه الواحدِ القهار -أو وإن كان اللَّه هو الذي يُجريك- فنسألُ اللَّه الواحد القهارَ أن يُجرِيَك، فألقى البطاقه في النّيل قبل يوم عيد الصَّليبِ بيومٍ، وقد تهيّأ أهلُ مصرَ للجلاء والخروج؛ لأنه لا يقومُ بمَصْلحتهم إلَّا النيل، فلما ألقى البطاقة أصبحوا وقد أجراه اللَّه ستَّة عشر ذراعًا في ليلةٍ واحدةٍ، وقطع اللَّهُ تلك السُّنَّةَ عن أهل مصر إلى اليومِ.