للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فكوَّم كَوْمةً من بطحاء، طرح عليها طَرفَ ثوبه، ثم استلقى عليها، ورفع يديه إلى السماء وقال: اللهمَّ كبرتْ سنّي، وضَعفَتْ قُوَّتي، وانتشرتْ رَعيَّتي، فاقبِضني إليك غيرَ مُضيّعٍ ولا مُفَرِّط -وذكر آية الرجم- فواللَّه ما انسلخ ذو الحِجّة حتى طُعن (١).

وفيها استقامت الأحوال، وتمّت الأمور، وكَثُرت الفُتوحات، ووصل إلى المدينة من الغنائم والأخماس والأموال ما لم يصل إليها، فاستشهد عمر رضوان اللَّه عليه وكان عامل مكة نافع بن عبد الحارث الخُزاعي، وعلى الطائف سفيان بن عبد اللَّه الثقفي، وعلى صنعاء يَعلى بن مُنْيه، وعلى الكوفة أبو موسى الأشعري، وعلى دمشق معاوية، وعلى مصر عمرو بن العاص، وعلى البحرين عثمان بن أبي العاص الثقفي.

فصل وفيها توفيت

[صفية بنت عبد المطلب]

ابن هاشم عمة رسول اللَّه ، وأمها هالة بنت وُهَيب بن عبد مَناف بن زُهرة ابن كِلاب، وهي أخت حمزة لأبويه.

كانت في الجاهلية عند الحارث بن حَرْب بن أُميّة بن عبد شمس، فوَلَدتْ له صفيَّةُ رجلًا، ثم خَلَفه عليها العَوّام بن خُوَيْلد، فوَلَدتْ له الزبير والسّائب وعبدَ الكعبة، ثم أسلمت وبايعت النبي وهاجرت، وأطعمها رسول اللَّه بخيبر أربعين وَسْقًا، واتفق العلماء على إسلامها، وفي غيرها من عمات رسول اللَّه خلاف، واختصم في ولاء مواليها عليّ والزّبير ، فقال علي: أنا أولى بهم لأنها عمتي، وأنا أَعقل عنهم، وقال الزبير: أنا أولى بهم وميراثهم؛ لأنهم موالي أمّي، فقضى عمر بن الخطاب رضوان اللَّه عليه بولائهم للزبير (٢).

وقال ابنُ سعدٍ: توفيت صفيةُ في خِلافةِ عمر بن الخطاب، ودُفنت بالبقيعِ، وعاشت ثلاثًا وسبعين سنةً، ودُفنت بالبقيعِ بفِناء دار المُغيرة بن شُعبة.


(١) طبقات ابن سعد ٣/ ٣٠٨ - ٣١٠، وتاريخ دمشق ٥٣/ ٣٣٨ - ٣١٤، ومن قوله: قالت عائشة لما كان آخر حجة. . . إلى هنا ليس في (ك).
(٢) من قوله: واختصم في ولاء مواليها علي والزبير. . . إلى هنا ليس في (ك).