للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفي هذه السنة سار بالحاج أبو أحمد الحسين بن موسى النَّقيب.

[فصل:] وفيها توفي

[أحمد بن الحسين]

ابن الحسن بن عبد الصَّمد، أبو الطَّيِّب، الجُعْفيّ، الشاعر، المعروف بالمتنبي، وكان أبوه يعرف بعِيدَان (١).

[قال الخطيب: ولد المتني] بالكوفة بكِنْدَة سنة ثلاث وثلاث مئة، ونشأ بالشام فأكثر المقام بالبادية، وطلب الأدب وعلم العربية، وفاق أهلَ عصره في الشعر، واتصل بالأمير سيف الدولة أبي الحسن علي بن حمدان فانقطع إليه، وأكثر القولَ في مديحه، ثم مضى إلى مصر فمدح بها كافورًا الخادم، ثم ورد بغداد.

وقال [الخطيب: حدثنا علي بن المحَسِّن التَّنوخي، عن أبيه قال: حدثني] أبو الحسن محمَّد بن يحيى العَلَويّ قال: كان المتنبي وهو صبيّ ينزل في جواري بالكوفة، وكان أبوه يُعرف بعِيدان السَّقَّاء يستقي لنا الماء ولأهل المحلَّة، ونشأ وهو محبًّا للعلم والأدب، وصحب الأعراب، فجاءنا بعد سنين بدويًّا، وكان (٢) قد تعلم العربية والكتابة والقراءة، وأكثر مُلازمةَ الورَّاقين، فأخبرني وَرَّاقٌ كان يجلس إليه قال:

ما رأيتُ أحفظَ من هذا الفتى ابن عيدان، قلت له: وكيف؟ قال: كان اليوم عندي وقد أحضر رجل كتابًا من كتب الأصمعي نحو ثلاثين ورقة، فأخذه فنظر فيه طويلًا، فقال له الرجل: يا هذا، أُريد بيعه وقد قَطَعْتَني عن ذلك، فإن كنتَ تُريد حفظَه فهذا يكون بعد شهر إن شاء الله، فقال له: فإن كنتُ قد حفظتُه في هذه الساعة فمالي عليك؟ قال: أَهَبه لك، قال: فأخذتُ الدفترَ من يده، فأقبل يتلوه عليّ إلى آخره، ثم استلَبه (٣) فجعله في كُمِّه، فقام صاحبه وتعلَّق به، وطالبه بالثمن فقال: قد وهبتَه لي، فمنعناه منه وقلنا: قد شرطْتَ شَرطًا على نفسك، هذا للغلام فتركه.


(١) في (ف م م ١): بعَبْدان، وانظر حواشي تاريخ بغداد ٥/ ١٦٥، والمتنبي لمحمود شاكر ١٣٧.
(٢) في (ف م ١): بعد سنتين بدويًّا فجاء وكان، والمثبت من (خ م).
(٣) في (ف م م ١): استله.