للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وسار ملك الروم (١) بنفسه إلى المَصِّيصَة، ففتحها بالسيف في رجب، وقتل من أهلها خلقًا عظيمًا (٢)، وأمر بأن يُساق الباقون من الرجال والنساء والصبيان إلى بلد الروم، ففعل بهم ذلك، وكانوا نحوًا من مئتي ألف إنسان.

ثم صار (٣) منها إلى طَرَسُوس فحاصرها، فطلب أهلُها أمانًا فأعطاهم، ففتحوا له أبوابَها فدخلها، ولقيَ أهلَها بالجميل، ودعا رؤساءهم إلى طعامه فأكلوا معه، وأمرهم بالانتقال عنها، وأن يَحمل كلّ واحد منهم من ماله وسلاحه ما أطاق، ويدع لهم الباقي، ففعلوا، وبعث معهم من بَطارقته نفرًا يَحمونهم من الأرمن إلى أنطاكية، فتعرَّض لهم طائفةٌ من الأرمن، فقطع الملك آنافهم، وعاقبهم، وحمل بعضهم في البحر حتى وصلوا إلى أنطاكية سالمين، وجعل جامعها إصطَبلًا لدوابّه، ونقل ما كان فيه من القناديل إلى بلده، وقَلَّدها بطريقًا من بَطارقته في خمسة آلاف، وكذا فعل بالمَصِّيصة، وأمر بعمارة البَلَدين، وعمل على أن يجعلهما (٤) معقلًا؛ لقربهما من ديار الإِسلام فيغير منهما، ويتمكن من البلاد، وجلب (٥) المِيرَة إلى البلدين من كل مكان.

وقيل: إن المصيصة رجع إليها بعض أهلها وتَنصَّروا.

وفيها في يوم الغَدير عُمل ما جرى به الرسْم من ضَرب الدبادِب والبوقات، وزيارة قبر موسى بن جعفر .

وفيها أنفذ أبو تغلب بن ناصر الدولة إلى معز الدولة ما كان بقي من الأتراك الذين أُسروا بالمَوصل، وحمل ما كان أخذه من المال والثياب الذي خَلَّفها معز الدولة بالموصل، فأما المال فأخذه، وأما الثياب فإن نفسه شَرُفت عنها وقال: لعل أبا تغلب أعجبه شيء منها، فردَّها، وكان لها قيمة (٦).


(١) قبلها في (ف م م ١) ما نصه: ذكر فتوح الروم المصيصة: سار ملك الروم، والمثبت من (خ).
(٢) في (ف م ١): كثيرًا.
(٣) في (م): سار.
(٤) في (ف م ١): جعلهما.
(٥) في (خ): وجلبت.
(٦) من قوله: وفيها من يوم الغدير .. إلى هنا ليس في (ف م م ١).