للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال الزبير بن بكَّار: دخلتُ على المعتزِّ فقال لي: يا أبا عبد الله، قد قلتُ أبياتًا في مرضي هذا -وكان مريضًا- وقد أعيا عليَّ إجازةُ بعضها، فأنشدَني: [من البسيط]

إنِّي عرفتُ علاج القلب من وجعِ … وما عرفتُ علاجَ الحب والهلعِ

جزعتُ للحبِّ والحمَّى صبرتُ لها … [إني لأعجبُ من صبري ومن جزعي

من كان يشغلُه عن حبِّه وجعٌ] … فليسَ يشغلني عن حبِّكُم وَجعي (١)

قال الزبير: فقلت [له:]

وما أملُّ حبيبي (٢) ليلتي أبدًا … مع الحبيبِ ويا ليتَ الحبيبَ معي (٣)

محمد بن عِمْران

ابن زياد الضَّبِّيّ، أبو جعفر النحوي الكوفي.

كان الغالب عليه الأخبار والأدب، وكان ثقةً فيما ينقل، وكان شيخًا حلوًا، وكان قبل أن يؤدِّب [عبد الله بن] المعتزّ معلمًا يعلِّم الصبيان، فلمَّا اتَّصل بالمعتز، جعلَه على القضاة والفقهاء، فاجتمعوا إليه يومًا فنعسَ، ففتحَ عينيه وقال: تهجَّوا، فضحكُوا.

وحفَّظ عبد الله بن المعتزّ سورةَ النازعات، وقال له: إذا سألكَ أبوك أميرُ المؤمنين: في أي سورة أنت؟ فقل: في السورة التي تلي عبس، فسألَه أبوه، فقال ذلك، فقال: من علَّمكَ هذا؟ قال: معلمي، فأمرَ له بعشرة آلاف درهم (٤).

محمد بن كَرَّام

ابن عِراق، أبو عبد الله، السِّجزيُّ العابد، شيخ الكرَّاميَّة.

أصله من مرو من قريةٍ يُقال لها: زَرَنْج (٥)، ونشأ بسجستان، ثم دخلَ خراسان.

وصرَّح في كتبه بأن [الله] (٦) جسم، وأنَّ ذاتَه محلُّ الحوادث، وأنه مماسُّ العرش،


(١) العقد الفريد ٥/ ٣٧٦ وتاريخ دمشق ٦/ ٣٣٦ (مخطوط)، وما بين حاصرتين منهما.
(٢) في (خ) و (ف): مبيتي. والمثبت من (ب) والعقد الفريد وتاريخ دمشق.
(٣) بعدها في (ب) -وما سلف بين حاصرتين منها-: انتهت. السنة السادسة والخمسون. . .
(٤) تاريخ بغداد ٤/ ٢٣٣ - ٢٢٤، وإنباه الرواة ٣/ ١٧٩، وما سلف بين حاصرتين منهما.
(٥) زرنج -بفتح أوله وثانيه ونون ساكنة وجيم-: مدينة هي قصبة سجستان. معجم البلدان ٣/ ١٣٨.
(٦) مكانها في (خ) و (ف) بياض. استدركته من المنتظم ١٢/ ٩٧.