للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[السنة الثالثة عشرة وأربع مئة]

فيها ورد القاضي أبو محمد المناصحي من الحجِّ، فجمع مؤيَّدُ الملك الحاجَّ (١) الخراسانية والقاضي، وعمل لهم سماطًا عظيمًا، لعامَّة الناس وخواصِّهم، وخلعَ على القاضي وأصحابِ محمود بن سُبُكْتِكين، وانصرفوا [داعين] شاكرين.

وفي جمادى الآخرة حلف مُشرِّف الدولة لسلطان الدولة، واتَّفقا على يد الأوحد أبي محمد وزير سلطان الدولة، ودخل جلالُ الدولة في الصُّلح، وكان من جملة ما تقرَّر أن يرُدَّ على الدَّيلم الذين ببغداد ما أخذَ من إقطاعاتِهم بفارس وخوزستان، وإقامةِ الخُطبِ لسلطان الدولة ببغداد كما كانت قبل الخلاف، وتحالفا بالأيمان المُغلَّظة، وأشهدَ القُضاةَ والأعيانَ والأشرافَ.

[وفيها أصابَ مشرِّفَ الدولة شناجٌ في رأسه، فتداركوه بالأدوية المرطِّبة، فصَلُح] (٢).

وفيها فُتِحَ المارستان المؤيَّدي بواسط، وذلك أنه قيل لمؤيَّد الملك: إنَّ واسطًا خاليةٌ من مارستان، مع أنَّها مصرٌ من الأمصار، وهي دِهْليزُ فارس والبلاد الشرقية، فاقتضَتْ ديانتُه وشفقتُه أنَّه عمِلَ مارستان في الكتبيين، وأنفق عليه مالًا عظيمًا، وأقام له الخُدَّام والخُزَّان، ونقل إليه من الأشربةِ والأدويةِ والفُرشِ والآلاتِ شيئًا كثيرًا، وجلبَ إليه الأطباءَ من البلاد، ووقفَ عليه وقوفًا كثيرةً.

وفيها عمدَ أحدُ الحاجِّ المصريين إلى الحجر الأسود في البيت الحرام، فضربه بدَبُّوسٍ كان في يده حتى شَعَبَه وكسر قِطعًا منه، وعاجله الناسُ فقتلوه، وثار المكيُّون بالمصريين فقتلوا منهم جماعةً ونهبوهم، وركب أبو الفتوح الحسنُ بن جعفر فأطفأ الفتنة، ودافع عن المصريين، وقيل: إنَّ الرجل الذي فعل ذلك من الجُهَّال الذين استغواهم الحاكم وأفسد عقائدهم.

قال هلال بن الصابئ: وجدتُ كتابًا كُتِب بمصر في سنة أربع عشرة وأربع مئة عن لسان المصريين، وهو كتاب طويل، فمنه: وذهبت طائفة من النَّصرية إلى الغلوِّ في أبينا أمير


(١) في (م) و (م ١) عوضًا عنها: أبو علي.
(٢) ما بين حاصرتين زيادة من (ف) وحدها.